إن اليمن تزهو بأحرارها الشباب، وقديما قال الأبطال في دروب النضال:
تلك النفوس الطامحات إلى العلا ... والمجد يدفعها إلى غاياتها
أما العبيد والأتباع، فلا أحد يلتفت إليهم، ولا يفتخر بهم، وإن كثروا، غثاء كغثاء السيل، ينطبق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء (الغثاء: ما يحمله السيل من وسخ) كغثاء السيل، ولينـزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت".
إن العبيد يعيشون حياتهم عاراً على أوطانهم، وعبئاً على أمتهم، فهم هتيّفة وحملة صور، يصفهم أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه بأنهم: "همج رعاع أتباع كل ناعق"، لا يصنعون شيئا، يبيعون مواقفهم بملء بطونهم، ويخلعون عن أنفسهم كرامة الإنسان بدراهم معدودة في أسواق العبيد.
يا للعار والخزي أن يعيش الإنسان ليهتف بحياة نظام ظالم، يقتل الحياة، ويهدم البيوت، ويخرب المنازل، وينتهك حقوق الإنسان، ويفزع الطفولة، ويدمر الآبار، ويسفك الدماء، وييتم الأطفال، ويرمل النساء، ويختطف النساء، ويقطع الأرزاق، ويمنع الوقود، ويطفئ الكهرباء، ويمارس العقاب الجماعي، بماذا يفرحون، أبقتل أرحب؟، أم بتدمير أبين؟، أم بالعدوان على تعز؟، أم بالاعتداء على الحديدة؟
إن الناس يتباهون بالشجاعة ويرفعون رؤوسهم بالأبطال، وتعلو هاماتهم بالفرسان الشجعان، الذين يرفضون الظلم ويضحون بحياتهم لأجل الله تعالى العدل، طلباً لتحقيق اسمه في واقع الحياة.
إن اليمن أمانة في أعناق الجميع، اليمن التي ورثناها من الآباء ممتدة ملء الخريطة التاريخية والجغرافية، اليمن التي رضعنا حبها، وطناً موحداً مرفوع الهامة، وعالي القامة، يستعير المجد قامتنا في إباء وشمم، يقول الفضول رحمه الله تعالى:
واستعار المجد من قامتنا ×× قامة لم يعطه طولاً سواها
حديث شريف:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا"، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال: "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا"، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة: "هناك الزلازل، والفتن، منها يطلع قرن الشيطان" رواه البخاري والترمذي وأحمد وابن حبان في صحيحه.
د. محمد عبدالله الحاوري
الثورة والطموح نحو العُلا 2236