يراهن الزعيم اليمني /علي عبدالله صالح على أنه الرئيس الموحّد، وهذا إنجاز لا شك أنه مهم في عصر التفتت العربي، والوهن المصاب به هذا الجسد الممتد جغرافيا من الخليج إلى المحيط، وتاريخيا ولغويا وغير ذلك من الامتدادات، انتصارا أو انكسارا..
ويحتفل المشير/ عمر البشير اليوم بانقسام دولته، كأنه حقق إنجازاً يضاف إلى قائمة من النجاحات تحققت منذ أن قاد ثورة الإنقاذ تحت الراية الإسلامية، فلا السودان ارتدت النقاب، ولا استطاعت أن تجبر النساء على عدم ارتداء البنطلونات، في إشارة إلى قضية المرأة التي حكم عليها بالجلد؛ لأنها ارتدت البنطلون.
موحّد اليمن بدا في صورة مريعة وهو الزعيم الذي كان يلهب (الميكرفونات) خطابة.. لكن الكرسي يستحق العيش بنبضه، رغم أنف العمليات الجراحية الثمان، ورغم الموت الذي كان قاب قوسين أو أدنى.
ومقسم السودان أخاله سيحضر بعصاه الماريشالية ليرفعها فرحاً وهو يخطب بهذا المنجز الذي أضاف إلى العالم دولة جديدة، تدعى مؤقتا جنوب السودان، وقد لا يتأخر الوقت كثيرا ليرى على حدوده جيش جاره الجديد الممدود بدعم مما يسمى دول العالم المتحضر، رافعة راية الوجود الصهيوني منغرسة في خاصرة هذه الأمة.
ضمّ الزعيم صالح جنوب بلاده فأصبح اليمن الواحد، متمسكا بها وإن سالت دماء اليمنيين الداعين للانفصال، وإن تعالت الدعوات والصيحات بأن عدن توقف مسار تحضرها منذ أن خضعت لحكم الرئيس الشمالي..
وتنازل المشير البشير عن جنوب بلاده، كأنه يعفي نفسه من (صداع الجنوب) المصابة به في الغالب الدول العربية، وإن أراد الغرب أن يقيم دولته فليكن، طالما أن الخرطوم بقيت في يد المشير، يخطب فيها كيفما يشاء، متمعنا في ربيع الثورات العربية وقد أصبح صيفا، وهو الأعلم بأن هذه البلاد الممتدة يأتي ربيعها في أوقات تفاجئ فصول السنة، وكأي زعيم عربي يجزم بنسبة المائة بالمائة أنه حتى الأجنّة في بطون أمهاتهم يصفقون له، ويسبحون بحمده على ما أنعم عليهم.
اليمن.. تاريخ العرب وحضارة الإنسان.. تحوّل إلى قبائل من الفقراء تطلب معونات الدنيا، تحاصرها القاعدة، تفكّكها قطعان المسلحين، وحين تأتي الظهيرة تجلس في مقيلها تتناول القات، لعلّها تنسى ما فعلته الأيام بها، وتتناسى ما أحدثه الدهر فيها. والسودان.. سلّة الغذاء العربية لا تكاد قادرة على إطعام جائعيها، وهم عشرات الملايين، ظامئون وتحتهم بحيرات من المياه العذبة، بلاد يمشي على ترابها البؤس وقد كان بإمكانها أن تطعم أفريقيا بما حباها الله من نعم.
وتبدأ ألفية العالم الثالثة بعقد جديد ألهب حماسه الثورات في الوطن العربي، لكنه أضاف زعيماً عربياً آخر إلى قائمة المطلوبين، الليبي معمر القذافي، زعيم آخر ومعه المشير ينتظرون محاكمات دولية على اتهامات بالإبادة.
وزعيم لم تمنعه تشوهات الحروق من الوقوف أمام الأضواء ليتحدث وهو يدرك أن إعلام الدنيا سيذيع كلماته.. وآخر يحرق القرى والمدن لأن المواطنين إرهابيون ومجرمون، وآخر، وآخر.. كم نحترق على هذه الأمة..
نقلاً عن الشبيبة العمانية
محمد بن سيف الرحبي
تساؤل : الزعيم .. والمشير 1977