تداول الناس حكاية (الصقر والجدي) التي أوردها القيادي المعارض الدكتور/ محمد عبدالملك المتوكل في سياق حديثه عن النائب/ عبدالربه الذي -وفق كلام المتوكل لقناة (سهيل)- يتماثل حاله مع ذلكم الجدي الذي أفزعه وأخافه الصقر في صغره، ومن حينها والخوف يتلبسه من رؤية طائره الكاسر المخيف .
تضخم الجدي وزناً وبدناً وشكلاً وعقلاً، لكنه بقي كما هو يخشى الطائر مثلما كان في صغره ودونما حتى اعتبار لحجمه الكبير، بالطبع الجدي هنا يشبه النائب الذي يراد تنصيبه رئيساً مؤقتاً بمقتضى الدستور، فيما هو لا يبدو أنه آهلاً ومستعداً ذهنياً وعملياً للقيام بمسؤولية كبيرة كهذه، إذ مازال خائفاً من الرئيس، فبرغم أن الأخير لم يعد بعبعاً مخيفاً للمواطن العادي إلا أن المشكلة في النائب الذي تملكه شعور بالخوف قبل أن يصير وزيراً ومن ثم نائباً للرئيس .
حكاية المتوكل أجدها أيضاً تنطبق على المعارضة ذاتها، فإذا كان الفريق/ عبدربه ليس بمقدوره تصور كرسي الرئاسة من دون الرئيس صالح، فإن أحزاب المعارضة مجتمعة لا تجرؤ على أكثر من الدفع برجل يعرف القاصي والداني بولائه المطلق للرئيس باعتباره صاحب الفضل الكبير في ارتقائه سلم السلطة وفي بقائه كل هذه المدة الزمنية في ذات الوظيفة العليا وبلا صلاحية، غير تلك الضئيلة المتبرع بها صالح لنائبه، فكيف لا يخشى الرئاسة إذا كانت المعارضة نفسها مصابة برهاب الخوف من كونها بديلاً منطقياً وشعبياً وموضوعياً للرئيس ونائبه؟.
وإذا كان النائب حكايته هكذا، فإن المعارضة تبدو قصتها كقصة (الإنسان وحبة الديك) تقول الحكاية: إن كل المحاولات المبذولة من الأطباء النفسيين لمعالجة مريض بعضال نفسي جعله يتصور نفسه مجرد حبة قمح لا طاقة لها في مقاومة ديك جائع.
هكذا اعتقد المريض أنه ليس إلا حبة يمكن التقاطها وبلعها من قبل أي ديك، لسنوات وحالة المصاب يسكنها الخوف والرعب من هذا الديك اللعين الذي بات وفقاً لتهيئاته النفسية وحشاً مفترساً، وبعد جهد جهيد تمكن الطبيب المعالج من إقناع المريض بأنه رجلاً سوياً وعاقلاً ويمكنه التهام الديك وهضمه في دقائق وليس العكس، عندما ظن أنه أفلح بعلاج مريضه من داء الرهاب كان الأخير قد سأله: نعم أنا لست حبة قمح، ولكن من يقنع لي الديك بأنني لست كذلك؟.
حال المعارضة من حال عبدربه، فكلاهما لديهما عقدة خوف، فمثل هذا الشعور بكل تأكيد انعكس سلباً على الثورة الشعبية التي مازالت مراوحة ما بين توافق سياسي لا يبدو فيه ثمة ما يشير إلى أن النائب مؤهل ومستعد لمثل هذا الدور الانتقالي وبين الحسم الثوري كمناورة من معارضة لا يبدو من فعلها أنها مهيأة ومستعدة لأن تكون بديلاً للنائب .
ففي الحالتين، نحن أمام نائب لا يستطيع أكثر من رئاسة لجنة احتفالات ومعارضة جل ما تقدر عليه لا يتعدى التوافق ولو اقتضى الأمر منها التعلق بقشاشة تدرك أنها لا تحول دون الغرق، في الحالتين جدي ضخم وبقرنين، لكنه يهاب من صقر ورجل بطوله وعرضه، لكنه يخاف من ديك .
محمد علي محسن
جدي المتوكل وديك المشترك 2662