;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

المبادرة بالعمل الصالح 2598

2011-07-09 03:03:34



إن المبادرة تعني انتهاز الفرص في عمل الخير، فليس كل وقت متاح للعمل، ولا كل حين تأتيك فرص الخير الكبيرة، عن سهل بن الحنظلية ـ أنهم ساروا مع رسول الله   ـ صلى الله عليه وسلم،، يوم حنين فأطنبوا السير حتى كانت عشية، فحضرت الصلاة عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فارس، فقال: يا رسول الله، إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا؛ فإذا أنا بهوزان على بكرة أبيهم بظعنهم، ونعمهم، وشائهم، اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله،ـ صلى الله عليه وسلم، وقال: "تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله" ثم قال: "من يحرسنا الليلة ؟ " قال أنس ابن أبي مرثد الغنوي :أنا يا رسول الله. فحرسهم، فقال له رسول الله "ـ صلى الله عليه وسلم،: هل نزلت الليلة؟" قال: لا، إلا مصلياً، أو قاضياً حاجة؛ فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم،:: "قد أوجبت، فلا عليك أن لا تعمل بعدها" رواه أبو داود.
إن المبادرة تعني النهوض الفوري للعمل، والقفزات الكبرى لنيل المكرمات، عن ابن مسعود يقول: لقد شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا؛ لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم، وهو يدعو على المشركين. فقال: لا نقول لك كما قال قوم موسى: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (24) سورة المائدة. ولكن نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك؛ فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، أشرق وجهه، وسره ذاك" رواه البخاري.
إن المبادرة تعني التميز في مواقف المجد، وجولات الماجدين، لما استشار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، أصحابه يوم بدر تكلم المهاجرون فأحسنوا، ثم استشارهم ثانياً؛ فتكلم المهاجرون فأحسنوا، ثم استشارهم ثالثاً، ففهمت الأنصار أنه يعنيهم، فبادر سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله! كأنك تعرض بنا؟ وكان إنما يعنيهم؛ لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من الأحمر والأسود في ديارهم؛ فلما عزم على الخروج استشارهم؛ ليعلم ما عندهم، فقال له سعد: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا ينصروك إلا في ديارها، وإني أقول عن الأنصار، وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، واعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان؛ لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك.
إن المبادرة تعني السبق الذي لا يلحق، فإنه لما كان يوم أحد، انكشف المسلمون فقال أنس بن النضر: اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعني أصحابه)، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعني المشركين)، ثم تقدم فاستقبله سعد ابن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، فقال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع.
وتعني ـ كذلك ـ المسارعة التي لا تتوانى، {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} (114) سورة آل عمران. فهي مسارعة المبادر، رجاء الظفر، وخوف الفوت، ولكي يكون الفوز من نصيبه بالدرجات الفضل، ومنازل القرب عند الله تعالى.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم، يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال: "في الجنة". فألقى تمرات في يده، ثم قاتل حتى قتل متفق عليه.
ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم، : "بادروا بالأعمال فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً، ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم قال الإمام النووي: معنى الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها، والاشتغال عنها، بما يحدث من الفتن الشاغلة، المتكاثرة، المتراكمة،كتراكم ظلام الليل المظلم، لا المقمر، ووصف نوعاً من شدائد تلك الفتن، وهو أنه يمسى مؤمناً، ثم يصبح كافراً، أو عكسه، شك الراوى، وهذا لعظم الفتن، ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب.
وعن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال: "أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم؛ قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان" متفق عليه.
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله   ـ صلى الله عليه وسلم، أخذ سيفا يوم أحد؛ فقال: "من يأخذ مني هذا؟" فبسطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول: أنا، أنا. فقال: "فمن يأخذه بحقه؟" فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه ففلق به هام المشركين" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، قال: "بادروا بالأعمال سبعا: هل تنتظرون إلا فقرا منسياً، أو غناً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال؛ فشر غائب ينتظر، أو الساعة؛ فالساعة أدهى، وأمر" رواه الترمذي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمساً قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" رواه الحاكم.

وتعني المعالجة السريعة للخطأ، عن أبي موسى الأشعري ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "ـ صلى الله عليه وسلم، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" رواه البخاري.
إن العاقل يسابق ويعمل من الأعمال ما تكتسب صفة الدوام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم،: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد