يستغرب المرء حقيقة ما يجري وكأن عجلة التاريخ قد توقفت والمتاجرة بكل شيء أصبحت سمة وديدن البعض المتمصلح، لم يعد هناك في سلوك البشر وازع ديني يردعهم، فتحولت الأمور في اليمن إلى سباق للشر والكسب الحرام وتحت شعارات جوفاء لا تمت للإسلام ولا للأخلاق ولا للقيم الإنسانية بصلة.
فهناك من يرقص على أوجاع البسطاء، ولا يعيش إلا في الوحل، نعم هكذا تبدو الصورة بجلاء، فمن يعاقب من؟ ولماذا العقاب؟ ولمصلحة من يتاجر البعض بأقوات الناس؟.
بالأمس فقط دخلت العاصمة ومن منفذ واحد ما يقرب من "13" ناقلة بترول، تكفي لتزويد "13" محطة بترول على أقل تقدير، ولو وزعت كما هو مقرر لها لكفت "60%" من احتياجات العاصمة من المشتقات النفطية، لكن لم يظهر منها إلا ناقلتان أو ثلاث واختفت بقية الناقلات في الأحواش وفي دهاليز المرتزقة وتجار الأزمات الذين ألفوا الكسب الحرام والذين لا يعيشون إلا على أوجاع البسطاء ويتلذذون بذلك.
أناس ألفوا على العيش وسط الوحل، لا يرتقون بتفكيرهم ولا بإنسانيتهم، هم جبلوا على ذلك، يعشقون القهر ويبحثون عن المكاسب والأوراق المالية والمصكوكات التي ترفع من أرصدتهم في البنوك المحلية والأجنبية، لا يهمهم وطن ولا مواطن، بل لا يراعون الله في أعمالهم، يظنون أن الدوام على هذا الحال سوف يستمر ولن يكون هناك خلاص، وهم والله واهمون، وسوف يندمون.
والأدهى من ذلك كله شروع البعض بالحرب وبالعلن، فتاجر بعض المغفلين بمادة البترول، ويحمّل قِصَر تفكيره وعقليته السقيمة الثورة وآخر يتاجر بالديزل ويحمل الثورة أيضاً مرضه ونهمه للمال والكسب الحرام، وآخر يبيع السلعة الغذائية بضعف أثمانها، محملاً جشعه وطمعه وهلعه الثورة والثوار ورابع وخامس وعاشر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يظن هذا الإنسان أن مثل هذه الأعمال حميدة ومشروعة ولا يدرك أمثال هؤلاء جرم ما يرتكبونه بحق أنفسهم أولاً وبحق وطنهم وأمتهم ثانياً ويجهل هؤلاء لحظة الحساب.
.صحيح قد لا تكون سريعة وعاجلة، لكنها حتمية، لن نسامح من حاول إذلالنا ولن نتهاون مع كل من تاجر بقوت المواطن ونهب ثروات الوطن وبددها في سبيل نزواته وشهواته ومصالحه الشخصية.
قد تتأخر الأمور بسبب بعض العقبات والعراقيل، لكن بلا شك لحظة الانعتاق قادمة، وكلنا يعلم علم يقين أن خزائن الأغنياء والمتمصلحين مهما يصب فيها من مال، فإنها تظل ناقصة قصر الزمن أم طال، أو هي كجهنم يقال لها هل امتلأت؟ فتـقول هل من مزيد؟.
لكن إناءً واحداً قد يفيض وهو سيل العرم، ويقال أيضاً إن الأمر إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده، فهل يفهم هؤلاء "أم على قلوب أقفالها" وللحديث صلة.
Abast66@hotmail.com
عبد الباسط الشميري
سيلُ العرِم ,........ 1733