ليست اليمن استثناء عن سائر بلاد العرب والمسلمين حتى تنجح الثورة في تونس ومصر وتقترب من النهاية الحتمية في ليبيا شاء العقيد أو أبى، المهم أن عهد الديكتاتورية ولى وإلى غير رجعة رغم أنف الأسد ورفاقه في بعث دمشق.
صحيح في اليمن نسبة الأمية مرتفعة قد تصل إلى 50% أو تزيد عن ذلك قليلاً وقد تنقص، لكن هذا ليس مبرراً إطلاقاً لحالة الجمود التي طبعت على المشهد اليمني حيث تقوقع الثوار في ذات النقطة والمسار، وبصريح العبارة قد يتساءل بعض الأشقاء العرب.. لماذا عجز ثوار اليمن عن إتمام ثورتهم؟ رغم كل التطورات التي حصلت وترافقت مع الثورة، بدءاً من انضمام قيادات المعارضة إلى الثورة ومساندتهم لها، ومروراً بتطورات الضغط الدولي والإقليمي على صالح للرحيل وانتهاءً بحادثة جامع النهدين والتي أنهت ـ حسب اعتقادنا ـ حكم صالح لليمن ونسفت مقولة "القبضة الحديدة" على هذا البلد.
ولا يعنينا هنا بأي حال من الأحوال دوافع ومخططات منفذي العملية، كون الثورة الشبابية سلمية وليس لها ارتباط لا من قريب ولا من بعيد مع هذا الطرف المعارض لصالح سياسياً أو عسكرياً، لكن الذي يثير حفيظة الكثير من المتابعين والمراقبين هو لماذا خفت بريق الثورة؟ ومن له مصلحة في إخماد جذوتها؟ وأين وإلى أي نقطة وصل ثوار اليمن؟ وهل هناك أسباب منطقية لفرملة مسار الثورة والبقاء في ذات المربع أو أن الأمر مجرد طارئ؟ ثم ما هو دور الأصدقاء والأشقاء؟ وهل صحيح أن الشقيقة الكبرى كما يزعم البعض تلعب دوراً خفياً ومريباً في اليمن مع أننا نستبعد مثل هذا الأمر.
ثم ما هي مصلحة المملكة في بقاء اليمن ضعيفاً ومفككاً ومقسماً في الوقت الذي حصلت فيه المملكة وعلى ضوء اتفاقية مكة عام 2000م على كل الامتيازات التي لم تكن تحلم بها، فتم التنازل لها عن حقل نفط الوديعة وشرورة وتم ترسيم الحدود على ما يهواه الأشقاء في المملكة وبلا مقابل وحتى المواطن اليمني الذي كان يحصل على نسبة من الامتيازات أثناء تواجده على أراضي المملكة مقارنة بالأشقاء العرب ثم إلغاء تلك الميزة وشطبها نهائياً من قاموس التعامل بين البلدين ولم يعد لـ"أبو يمن" في المملكة سوى الرضوخ للكفيل المبتز والإقامة الجبرية وبعقود مجحفة.. وعودة إلى بدء نقول: هل للمعارضة اليمنية دور في إيقاف عجلة الثورة أم لشخصيات بارزة أدوار وتحركات ثبطت من معنويات الثوار؟ الإجابة بكل تأكيد لا تحمل النفي الكامل ولا القبول بكل ما ورد بسلبيته وإيجابيته!.
فهناك من يحمل المعارضة التي أغرقت نفسها ـ حسب قولهم ـ في الحوار الغير متكافئ مع سلطة فاسدة وفاشلة لا تفهم ولا تعترف بمنطق الحوار بتاتاً، وآخرون يرون أن بعض الشخصيات البارزة كتلك التي تقف في الساحات العامة والتي ألفت وتعشق حب الظهور والبروز عبر وسائل الإعلام كانت وراء فرملة وإيقاف عجلة الثورة، بل البعض يحمل هؤلاء مسؤولية ما يطلقون عليه الفشل وتحييد كثير من أفراد المجتمع بعد أن كانت ثورة شباب اليمن قد تجاوزت مسائل المد والجزر والصعاب وكانت قاب قوسين أو أدنى من النجاح وقطف الثمرة، خصوصاً بعد الـ"18" من مارس أو ما يطلق عليه جمعة الكرامة، عندما أعلن صالح في اليومين التاليين لتلك الحادثة عن استعداده لترك السلطة والتنحي الفوري وبدون شروط.
لكن بالعودة إلى نقطة البداية نعتقد أن هناك عوامل متعددة ساهمت في هذا الجمود الحاصل وساهمت في إيقاف أو تأخير الوصول إلى الهدف وهو إسقاط هذا النظام القائم الذي فشل في تحقيق أبسط مقومات الحياة لشعب عرف عنه القوة والشموخ ورفض الاستكانة والخنوع أو الإتكالية على الجيران أو غيرهم، واليمن بطبعه لا يقبل بالذل والهوان ولا يرضى إلا بالعيش الكريم.
فلماذا يحاول البعض إصباغ المشهد اليمني بالخارج الإقليمي أو الدولي وكأننا في هذا البلد لا نعيش إلا على المساعدات والمنح والهبات الخارجية.. ففي بلادنا من الخيارات ما يكفي لتحقيق معيشة معقولة للمواطن اليمني بكل فئاته ولا نريد بهذا الحديث أن نقطع على الأشقاء والأصدقاء جهودهم في سبيل الدفع بانفراج الأزمة، لكن من باب التذكير بأن اليمن منتج للنفط والغاز ويكفي أن يعلم البعض أن خسائر اليمن السنوية فقط من اتفاقية الغاز المجحفة مع كوريا تقارب الـ"3" مليار دولار فارق السعر السنوي فقط تخسر بلادنا هذا الرقم ولدينا ثروات أخرى كالأسماك والزراعة ومصانع أسمنت كبيرة لو استثمرت الاستثمار الأمثل لرفدت الخزينة العامة بملايين الدولارات وغيرها وللحديث صلة.
Abast66@hotmail.com
عبد الباسط الشميري
المسؤولية المشتركة في فرملة مسار الثورة 2247