الجريمة، أية جريمة كانت، جنحة، جريمة عادية، جريمة جسيمة، جريمة منظمة، لا بد أن يكون لها "1" مخططون، منفذون ـ وقد يكون المخططون والمنفذون هم فرد أو جماعة متضامنةـ (2) أدوت تنفيذ الجريمة(3) المجني عليه أو عليهم(4) مسرح الجريمة(5) شركاء في الجريمة أو الحريصون على إخفاء بعض أو كل عناصر الجريمة وهذه العناصر المتضافرة تفرز ملف القضية أو الجريمة وتتحول أمام القاضي العدلي إلى رقم وإلى أدلة جنائية.. إلخ.
والملف الذي يتحوي على محو آثار الجريمة الذي نحن بصدد عرضه هو ملف شباب يعرفون الآن بالناشطين على شريحتين شريحة جندي أو صف ضابط في الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وشريحة جهادي في تنظيم وهمي يعرف هنا باسم "تنظيم القاعدة" لليمن والجزيرة، وتكمن الجريمة المرتكبة هنا ليس بالأفعال التي يؤمرون بتنفيذها من قبل مسئوليهم في صنعاء، بل بصناعتهم وتحويلهم إلى أدوات إجرامية بهدف الابتزاز المالي والسياسي لأمريكا وبعض الدول الصناعية الكبرى في أوروبا، إضافة إلى استخدامهم كفزاعة في وجه الممانعة والمقاومة الداخلية، فالحديث السياسي السلطوي عن "الصوملة" ينطوي على فعل مشين، كما جرى في 29/5/2011م في أبين كحقل تجارب لمثل هذه الجرائم.
الأمريكيون والنظام العسقلاني يريدون الآن وبسرعة فائقة محو آثار جريمتهم بإدخال المجرمين الصغار الناشطين ـ على شريحتين ـ فرن الجحيم والتخلص منهم جسدياً ومن ثم يجدون المبرر للنفقات المالية التي صرفت، وكانت الجريمة المنظمة عالمياً التي ارتكبها الإداريون السياسيون والأمنيون الأمريكيون وحلفائهم الأوروبيون هي صناعة جماعة الإسلام السياسي العنيفة والبشعة وذات الطابع العالمي ومقرها السابق مدينة "كولون" في ألمانيا ـ الآن مقرها لندن ـ وامتدت إلى البلدان التي أطلق عليه الأمبرياليون الأوروبيون لقب "العالم الإسلامي" وكانت الأموال الخليجية هي الركن الأساسي لهذه الجريمة، أما الإدارة الانجليزية الأمريكية فكانت الركن الثاني.
وتحت ذريعة مكافحة الشيوعية والإلحاد والنظام الاشتراكي والمقصود فعلياً مواجهة حركة التحرر والاستقلال في البلدان الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي الإمبريالي الداعم لها النظام الاشتراكي فيما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وشرق أوروبا الاشتراكي ـ قامت بإنشاء الكائن الباطش الذي ولد من رحم جماعة الإسلام السياسي العنيف والبشع التي صنعها الغرب في كل من مصر وسوريا ولبنان وليبيا والجزائر وتونس والمغرب.
وخاضت الفرق العسكرية التابعة لتلك الجماعة التي نظمتها وأهلتها المخابرات الأمريكية والأوروبية والخليجية من بلدان الشرق الأوسط وبموافقة بعض الأنظمة الدكتاتورية ـ خاضت حرباً شرسة شبه عالمية ضد حركة التحرر الأفغانية المدعومة من الاتحاد السوفيتي.. وفي وقت لاحق أهلوا حركة طالبان وأوصلوها إلى السلطة في أفغانستان وبعدئذٍ ضربوها عسكرياً بحجة إيوائها واحتضانها لتنظيم يدعى القاعدة والمتهم بتفجيرات 11 سبتمبر 2011م، وهكذا احتلوا أفغانستان كجريمة منظمة أخرى محاولة منهم لمحو آثار جريمتهم الكبرى "تأهيل حركة طالبان" التي أصبحت هي وتنظيم القاعدة بعبعاً في أفغانستان وباكستان والهند واندونيسيا وشمال شرق إفريقيا والجزيرة واليمن.. إنها المتهم الأول العنيف ومن حق الأميركيين محوها، لأنها شاهد إثبات على مرتكبي الجريمة، وصنع الامريكيون وبعض الأوروبيين والخليجيين كتلة فقهاء الإسلام السياسي واغتصبوا لهم مقعداً في نادي النخب المحلية وهي جريمة يستفيد منها الأمريكيون ولكن سوف يجدون صعوبة لمحور آثارها في قادم السنوات.
والمهم الآن هنا هو كيف يتم ـ أميركياً وعسقلياً ـ محو آثار الجريمة التي ارتكبها هذان المجرمان وهي صناعة الجماعات المسلحة ذات الشريحتين؟.
وكأنهم على موعد مع مشهد خططوا له مسبقاً وأعدوا له العدة والعتاد، فاختاروا لمخططهم زنجبار وجعار وما حولهما ليكونا مسرحاً جغرافياً لجريمتهم المركبة، للقضاء على جماعتهم المسلحة التي تعمل على شريحتين والمنتسبة للحرس الجمهوري والقوات الخاصة بعد المدعو "تنظيم القاعدة"، لأن بقائهم على قيد الحياة يشكل دليلاً دافعاً على أفعالهم المشينة منذ بداية العمليات ضد الناشطين السياسيين والجنود الأمريكيين في فندق عدن واختطاف السياح في أبين وتفجير المدمرة كول، إلى نهاية المعزوفة والمعروفة باستهداف السفير البريطاني في صنعاء وضرب الألوية المشكوك بولائها لكتائب الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.
وعشية تنفيذ المخطط "محو آثار الجريمة" اختفى المحافظ وأركان سلطته واختفى العقيد/ طارق الفضلي واختفى الأمن القومي والأمن السياسي والأمن العام والبحث الجنائي واختفت كتائب الأمن المركزي ومكافحة الإرهاب وتركوا ورائهم المعدات العسكرية بكل أنواعها بدون أن يخوضوا أية معركة معهم.. وفجأة يوم 29/مايو/2011م يظهرون إلى جانب "أبو شريحتين" كقوة موحدة ليستولوا على المعدات العسكرية ومقار السلطة المدنية والأمنية ويتوجهون أولاً صوب مصنع الذخائر والاستيلاء عليه وإفراغه من أهم محتوياته، ثم صوب اللواء "25" الذي رفض أركان حربه تسليم المعسكر، حيث بدأ المسلحون محاصرته واستهدافه قتالياً وهو الآن صامد وإلى جانبه اللواء "119"، ولكي يكون المشهد كاملاً أشترك الطيران الاميركي والمحلي قصف "أدوات الجريمة" وتدمير زنجبار وجعار وما حولهما والهدف هو تدمير الجميع "اللواء "25" وأبو شريحيين" وهذا ما يتم حصده الآن في الميدان، حيث يساق العديد من الجنود إلى كمائن الموت المعدة سلفاً.. وبحسب اللواء/ علي محسن صالح فإن قوات من الفرقة أولى مدرع هي من تتصدى الآن للمسلحين وتعمل على تحرير أبين منهم وهذا هو بيت القصيد.
عبدالرحيم محسن
محو آثار الجريمة 1949