منذ أن بدأت الاحتجاجات الشعبية تتصاعد في بلادنا وعلى مدى أربعة أشهر متواصلة، ظل خلالها ولايزال فضيلة الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني يتعرض لحملة إعلامية محمومة يقودها الإعلام الرسمي وتشارك في تلك الحملة صحف حزبية وأهلية ومواقع إلكترونية مختلفة، وتلك الحملة الشعواء لم تقتصر على شخص فضيلة الشيخ الزنداني فقط وإنما طالت جامعة الإيمان التي يرأسها، ولاتزال هذه الحملة الحاقدة مستمرة ومتواصلة حتى اللحظة.
صحيح أن تلك الحملة قديمة ولكنها تتوقف تارة ثم تعود بصورة أشد وذلك بحسب الموجهين لها والواقفين خلفها، ولذلك لا تستغرب تكرارها خاصة في الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا، إلا أن الجديد فيها إتساع حجم التضليل والافتراء الذي لا نجد له تفسيراً سوى التجني والتشهر وذلك تلبية وتنفيذاً لأهداف ومخططات مشبوهة داخلية وخارجية.
وليس في هذه الحملة شيئ جديد غير أن حملة الاستهداف تلك، المكرسة ضد الشيخ/ الزنداني وجامعة الإيمان قد اتخذت في الأشهر الأخيرة منحىً تصاعدياً، وما ذلك إلا لمواقف الرجل الواضحة تجاه كافة القضايا والهموم الوطنية، وتنامت تلك الحملة بشكل أكبر قبل وبعد زيارته لساحة الاعتصام، وتأييده للمطالب المشروعة للمعتصمين سلمياً، مع أن ما قام به الرجل يأتي تجسيداً لدوره كعالم أمة.
كما أن ما قام ويقوم به أيضاً لا يتنافى مع الدستور والقوانين النافذة.. وتصاعدت تلك الحملة المغرضة التي تدعمها وتمولها السلطة وجيشت لها الإعلاميين وصحفيين يمعنون بالتشهير والتحريض والإساءة المتعمدة، أكان ذلك عبر مطابخ الإعلام الرسمي من خلال الكتابات والتسريبات والتقارير الكاذبة، والإشاعات المغرضة، والأخبار والتلفيقات المفبركة، أو من خلال صحف ومواقع أهلية مختلفة، يرتبط بعضه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأجندة داخلية وخارجية، بل إن بعض هذه الوسائل على صلة وثيقة بجهات أجنبية ومنظمات متبوهة.
وقد بلغت تلك الحملة المنافية للقيم والأخلاق حداً لا يطاق في استعداء وتحريض الخارج ضد الشيخ الزنداني على جامعة الإيمان بشكل خاص، ومن تلك الافتراءات ما سبق وأن قدمها أحد المسؤولين الرسميين من تحريضات وتخرصات مكتوبة لجهات دولية ضد الشيخ الزنداني وجامعته.
وكذلك الربط الخاطئ والمضلل بين جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع، وذلك لتكريس الفتنة التي سبق وأن حذر منها بيان "هيئة علماء اليمن"، كما يأتي ذلك الربط أيضاً في سياق تمييع القضايا وخلط الأوراق السياسية، وإلقاء التهم جزافاً ورمي الكلام على عواهنه، دون أي مبررات موضوعية أو مسوغات قانونية، على غرار ما تناقلته إحدى الصحف الحزبية بأن فتوى الشيخ الزنداني استهدفت إسقاط "الشرعية الدستورية"، وكذلك ما تناقلته إحدى الصحف الأهلية التي دأبت على الكذب والافتراء واستهدافها الواضح للشيخ الزنداني، مقابل ما تتقاضاه تلك الصحيفة من دعم مالي من إحدى السفارات الغربية، حيث ذكرت أن السفير الأميركي بصنعاء قد أبلغ أحد أمناء عموم الأحزاب السياسي استياء حكومة بلده من الدعوة للجهاد، وجاء ذلك التضليل نتيجة قراءة خاطئة ومضللة لبيان "هيئة علماء اليمن" الذي صدر مؤخراً.
وكأن تلك الصحيفة ـ التي وإن صح افتراؤها ـ تريد إقناعنا بأن السفير الأميركي لدى بلادنا، يطالب الحكومة اليمنية وعبر تلك الصحيفة ذاتها بإلغاء كلمة "الجهاد" من القرآن الكريم، كما سبق وأن طالبت واشنطن بتغيير المناهج التعليمية في اليمن، وبما ينسجم مع ما يسمى بـ"تجديد الخطاب الديني" وفقاً للسياسة الأميركية،التي دأبت على التدخل في الشؤون الداخلية الخارجية لليمن، صغيرها وكبيرها، وصار ما يقوم به سفيرها في صنعاء أشبه بما كان يقوم به المندوب السامي البريطاني أثناء احتلال الانجليز لمدينة عدن.
غير أن الغارق بينهما "السفير والمندوب" هو جرائم القتل التي تنفذها أميركا وأعوانها في اليمن ضد المواطنين العزل بتهمة الإرهاب الذي هو صنيعة "أميركية" بامتياز.
ولاتزال أميركا ـ مستغلة غياب الدولة اليمنية ـ تخطط باسم تسويه الأزمة لارتكاب مزيد من أعمال القتل وذلك من خلال عملائها في المنظومة السياسية والذين يشكلون عصابة تنفذ الوصاية الأجنبية ضد اليمن.
لذلك لا نستبعد أن عملية الربط التي يجري الترويج لها في وسائل الإعلام الرسمية بين جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع إنما تأتي في إطار المخطط الأميركي الذي عبر عنه "جيفري فيلتمان" ـ مساعد وزير الخارجية الأميركي ـ أثناء لقائه بمن يطلقون على أنفسهم "السياسيين اليمنيين"، حيث لم يتكلم ذلك "العلج" عن الفقر والجوع والبطالة والمجاعة التي يعاني منها اليمن، وإنما تكلم عن الإرهاب المزعوم الذي لا يوجد إلا في مخيلة السياسة الخارجية الأمريكية، وتأكيداً لذلك المخطط الأميركي الذي أبعد ما يكون عن الديمقراطية وعن الحداثة وعن مكافحة الفقر والبطالة، وعن تطوير أنظمة المنطقة، إنه مشروع الفتنة الدائمة، إنه التوتر الدائم، والصراع الدائم ضد الشعوب الفقيرة والمستضعفة، وذلك كشرط لتبرير استمرار الوجود الأميركي في المنطقة.
مع أن القائمين على تلك الحملة والخائضين فيها يعلمون في قرارة أنفسهم أن جامعة الإيمان منشأة تعليمية أهلية، تدرس أصول وقواعد العلوم الشرعية، وذلك وفق منهج معلن ومتداول ولا علاقة لتلك الجامعة بالقوات المسلحة اليمنية، بل هي مؤسسة أكاديمية تربوية معترف بها رسمياً، وتمارس نشاطها طبقاً لقانون الجامعات الأهلية، كما أن الفرقة الأولى مدرع أحد مكونات المؤسسة العسكرية اليمنية وهي جزء لا يتجزأ من تلك المؤسسة في اليمن، ومن فرية القول أن هناك مليشيات مسلحة متبادلة بين الجانبين.
إن ذلك الإفك والافتراء لا يقل فداحة عند أولئك التضلليين عن تسويقهم لثقافة الموت لأنهم أصلاً لا يجيدون ولا يتقنون سوى ممارسة القتل، بديلاً عن رفع معاناة الشعب الجائع والبائس، ولو استدعى الحل وفق الطريقة العراقية إبادة اليمنيين.
حتى أنهم بسبب زورهم وبهتانهم جعلوا من الموت الذي هو حقيقة نؤمن بها "مادة سياسية" للتخويف والترهيب، لأنهم الإرهابيون الحقيقيون ويزعمون أنهم يكافحون الإرهاب، عندما لم يحدوا ما يدينون به الشيخ الزنداني أشاعوا ـ مدشنين حملتهم الجديدة ـ بأنه مات وليس ذلك إلا تهيئة مسبقة للرأي العام المحلي، وكأنهم بصدد الإعداد لتنفيذ مخطط يستهدف الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني، فيما يتشدقون بحرية التعبير والديمقراطية التي تكذب سلوكهم المشين بالنظر إلى ما كانوا قد أقدموا عليه في أوقات سابقة من تهديدات وجهوها للشيخ الزنداني.
وقد كان الأحرى بأحزاب اللقاء المشترك أن تأخذ تلك التهديدات على محمل جد، وتصدر على الأقل بيان إدانة واستنكار خاصة وأن تلك الأحزاب عرفت عبر تاريخها بإصدار بيانات الشجب والإدانة لأبسط الأشياء وأصغر المستجدات، بينما نجدها تلزم الصمت حيال ما يتعرض له الشيخ الزنداني.
ولقد ظل الشيخ/ الزنداني موضع استهداف لسنوات كحالة استثنائية من بين مئات العلماء والسياسيين اليمنيين، مما يؤكد أن ذلك الاستهداف منظم وممنهج وموجه، ضد أحد رموز الأمة، وما ذلك الاستهداف إلا استهداف لحقيقة الدين الذي ينتمي إليه الشيخ/ الزنداني ولمواقفه المنحازة لقضايا الشعب والوطن، وللأمتين العربية والإسلامية، ورفضه وكشفه للمخططات الإقليمية والدولية التي تستهدف سيادة الوطن ووحدته وأمنه واستقراره.
صفوان الفائشي
حملة الإفك الجديدة.. ضد الشيخ الزنداني 2390