;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

الثورة ومرحلة العبور 2350

2011-07-02 04:07:56


إن مرحلة العبور هي أخطر مراحل الثورات؛ حيث تعد تلك المرحلة الجسر الذي يفسر الهوة بين الفعل الثوري الخالص، والفعل الثوري السياسي، وفي هذه المرحلة يدخل في اللعبة عناصر كثيرة، الوقت أحد اللاعبين الأساسيين فيها، ولكن هناك لاعبين آخرين، وأطرافا كثيرة لها اهتماماتها ومصالحها وقضياها، ترى لا بد من حضورها عند لحظة الميلاد؛ ليكون لكلمتها استماع، ولرأيها اهتمام، ولسنا في هذا العالم وحدنا، ونحن مضطرون اضطراراً حياتياً للتعامل مع كل الأطراف، والحفاظ على مصالح الوطن مع كل الأطراف.
إن هذه المرحلة تشبه إلى حد كبير مرحلة الإخراج؛ أي اللحظة الأخيرة لأي عمل، تأتي والناس في ملل كبير، فربما يستعجلون في لقطة، ويتجاوزون في لقطة أخرى، ويتغاضون عن لقطة ثالثة، حرصاً على الانتهاء من العمل، ويكون لضغوط الوقت دور كبير في صناعة هذه الأخطاء، ويتناسى الناس عظمة ما يقومون به، وينشغلون فقط بالانتهاء من العمل، وكأنه ثقل يلقونه عن ظهورهم ولو في غير مكانه الذي كانوا يريدونه، وقد يخرج العمل العظيم بصورة هزيلة لأن الناس استعجلوا في إخراج اللحظات الأخيرة للعمل.
إن الثورة اليوم في أوج نضجها وقوتها، النضج لأنها حافظت على سلميتها واتزانها واعتدالها ووسطيتها ومسيرتها، والقوة فهي الفاعل الحقيقي على الأرض، وبقية الأطراف الداخلية والخارجية تقول لكن الثورة تعمل، وهي التي تحسم أمورها باتزانها في النهاية، إن صبرنا هو أكبر أسلحتنا، وإذا كان الرئيس بالإنابة يتردد عن فعل ما يجب عليه اليوم والآن فعله، فإن الثورة ستتجاوزه بعظمتها، فالشعوب أكبر من الأفراد، والفرص لا تبقى مفتوحة، هكذا خلق الله الفرص.
إن الثورة تشبه الماء في الغدير، يرتفع الماء درجة درجة، ومن ظن أن الدرجة التي هو عليها لن يغمرها الماء فيلزمه شراء نظارة طبية لبصره وبصيرته؛ ليرى فعل الثورة، إن الرئيس بالإنابة يعمل بامتياز في إضاعة الفرص على نفسه، فسيكتب التاريخ كل مواقفه له أو عليه.
إن الثورة الشعبية تسير بوتيرة قوية ما دامت لا تصدق وساوس السياسيين من الأحزاب العتيقة بعباءتها الدينية أو العلمانية، التي دعمت صالح منذ وجد، وتحن له وإن أبدت غير ذلك.
إن إصرار الناس على تحقيق مرادهم في هذه الثورة هو الانتصار الحقيقي الذي يجب ملاحظته طوال الوقت، ومن هنا فمن لم يسمع أصوات هدير الجماهير بالملايين فيلزمه شراء سماعة طبية لأذنه، ومن ظن أن الحياة ستتوقف بانتظار نمو الشجاعة في قلبه، والثقة في نفسه، والثبات في قدميه، فهو واهم لأن الثورة لا تنتظر أحدا.
إن التعب والإرهاق والضيق ليس مختصا بمن في الساحات وحدها، بل هو مشتمل على الظالم والمظلوم، ومن هنا فإن عامل الوقت وإن كان متعباً للفريقين، فإنه في الأخير لصالح الحق على طول الخط، لقد بغت قريش ذات يوم وطلبت أن تسترجع من جاء إلى النبي مسلماً، ولا ترد من جاء إليها مرتداً، وكان هذا النص نفسه هو الذي أنهك قريشاً بعد ذلك، وطالبت بإلغائه، وحين نستنفد طاقتنا السلمية ينـزل الله بأسه الذي لا يرد.
إن أثر المصلحين لا يمحى، فلن ترفع صور علي صالح مرة أخرى، كما لم ترفع صور الغشمي مرة أخرى، في حين تملأ الساحات صور إبراهيم الحمدي، والذي يمثل الحلم الأهم والأبرز والأروع في حياة اليمن دولة وشعبا في النصف الثاني من القرن العشرين وكان اغتياله اغتيالا للحلم اليمني، ومن هنا نقول بثقة: إن البقاء للأصلح، والأنظمة الظالمة مثل الورقة التي تحاول إلصاقها في الحائط باللعاب، لا تثبت إلا ما دامت يد البغي والقوة الغاشمة تسندها، وتسقط حال رفع اليد عنها.
إن عمل المفسدين خراب ودمار وهلاك للحرث والنسل، قال الله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} (205) سورة البقرة، فعمل المفسدين تعطيل الحياة، تأملوا ما يحدث اليوم في اليمن من حصار لشعب بأكمله، إنه حصار شمل أركان الحياة، فالمشتقات النفطية موجودة في خزانات القاطرات الممنوعة من الدخول إلى المدن في صورة من صور الفساد ستظل لعنة تطارد الظالمين كباراً وصغاراً، قال الله تعالى: {أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (18) سورة هود. وقطع الكهرباء على الناس في أيام الامتحانات الدراسية وتعطيل مصالح العباد المرتبطة بها في كافة المجالات إفساد في الأرض {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} (205) سورة البقرة، وتخويف الآمنين المطمئنين، وترويع المسالمين، وقتل النفس المحرمة، وهدم البيوت على أهلها إجرام وفساد وعدوان، والله لا يحب المعتدين.
/////////

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد