أتود أن تكون شخصاً آخراً إذا ما خُيرت، أو أعيد الزمن والأحداث والتحولات التي شهدتها أو أسهمت في صنعها؟ كثيراً ما قرأت أسئلة قريبة من هذا السؤال، وكثيراً ما قرأت إجابات عليه دون أن يطرح على كثير من المتحدثين أو الشخصيات التي كان لها ذات يوم "أو مازال- تأثير على صنع الأحداث أو تشكيل وعي الناس وإثرائه فكرياً وثقافياً والإجابة غالباً ما كانت هكذا:
- إذا عدت إلى البدايات لما اخترت غير الطريق التي أنا فيه.
وأحياناً:
- المرء لا يستطيع أن يغير من القدر الذي حدد له أن يسير فيما سار فيه وأنا على يقين أني إذا ما خيرت أن أسلك أو أعمل في عمل آخر لما اخترت غير ذلك.
وفي بعض الإجابات:
- لا لم أفكر في ذلك مطلقاً!!
- السؤال في حكم الفرضيات التي لا تقبل بها الحياة ولا العقل، ولعلي وقفت أيضاً على إجابة كانت هكذا:
- الظروف الاقتصادية والاجتماعية هي التي تسهم في وعي وثقافة الإنسان، وتكوين شخصيته وأسلوبه، وربما طريقة حياته، ومن ثم رؤيته أو موقفه السياسي والفكري، على أن لك لا يلغي أو لا يمنع من أن يكون للمرء ذاته حق الاختيار في أن يكون ما يريد وأن يسعى أو يناضل للوصول إلى ما يريد أن يصل إليه.
الحياة ليست لعبة أو تمثيلية مسلية، إنها أعقد وأكبر من قدرة الكثير على فهم تطوراتها، وإدراك الهدف منها حتى من قدر له أن يعرف شيئاً من مكنوناتها ووجودها.
حياة الإنسان الخاصة والشخصية ملكاً له دائماً، وإذا ما حدث وأن تدخلت الأحداث، والظروف أو الأفراد أحياناً في محاولة أو التأثير فيها، فإن ذلك يعتمد على قدر الشخص نفسه في الأغلب على قهر وتجاوز تلك المؤثرات والمحاولات، وقدرته هو على التأثير والارتقاء بوعيه وطريقة حياته وأسلوب عمله أو نضاله، وفي الأخير يبقى المرء نفسه، حتى أولئك الذين رحلوا وغادروا الحياة، فلم يستطع أحد، أو لم تستطع أية قوة أن تجعل منهم ما لم يكونوا عليه.
الإجابة هذه طويلة على ما يبدو، فهل يحلم البعض في أن يكونوا غير ما هم فيه؟
السؤال هنا لا علاقة له بعلم النفس وإنما بالأوهام التي تراود البعض من الذين تعثرت بهم الحياة أو خانوا أنفسهم أو طوحت بهم عقلياتهم وسياساتهم العابثة.
والبحث في فرضية كهذه يبدو أقرب إلى الخبل، فقط لا بأس التسلي أحياناً بما تنتجه التفاهة البشرية.. البشرية نفسها، التي ينسب إلى أحد شعوبها العبارة الشهيرة القائلة:
- الرجل أسلوبه.
alhaimdi@gmail.com
محمد الحيمدي
الأوهام......... 1965