;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

الثورة السلمية.. ثمار وواجبات 2410

2011-06-29 03:41:10


مقدمة لا بد منها:
بدأ زمن اليمن وعلينا أن ندرك ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كان هذا الأمر في حمير، فنـزعه الله منهم وجعله في قريش و سيعود إليهم" رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع، إن كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حق محض، وصدق أكيد، لا يمكن أن ينـزل الأرض أبداً.
 إن ما يحدث ما هو إلا إرهاصات الريادة والقيادة، وترك العالم لليمن لينهض وحده حتى يفرض رأيه مستقبلاً، نحن نمتلك مقومات الدولة العظيمة، نحن سقف العالم "وأوتيت من كل شيء" ونمتلك الأرض الطيبة المباركة والشعب الحكيم، والثراء البشري وعبقرية المكان، من هنا علينا أن نجتهد في حفظ سلمية ثورتنا وتوسيع مداها، وتأكيد سلميتها، لأننا نبتدئ عصراً جديداً ليمن جديد يحرك مجريات التاريخ، ويحقق نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يريد القيادة والريادة، لابد لذلك من الصبر واليقين، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (24) سورة السجدة، فهل تحقق فينا هاتين الصفتين المهمتين، وهل يقيننا في نصر الله قوي، وهل صبرنا على القيام بأسباب بلوغه قوية.
ثمار الثورة:
1.  ظهور الشخصية اليمنية الأصيلة والعظيمة في كامل تجلياتها بعد أن حاول النظام كسرها وقهرها وامتهانها وازدراءها والاستهانة بها والتحقير منها، وهذا الظهور يتجلى بصورة فارقة في صورة الشخصية اليمنية قبل الثورة وبعدها، وهي صورة أدهشت العالم، وأظهرت للعالم مدنية هذا الشعب العظيم، وحضارة هذه الأمة العريقة، وأصالة اليمني الكريم، وشجاعته وحكمته، وحبه للسلام وكراهيته للعنف، وبرزت كذلك العقلية اليمنية المبدعة والمثقفة، ومن يشاهد المسيرات والجمع يؤمن إيماناً عميقاً بصدق قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية" وهذا الحديث جمع لليمن خلاصة الخيرات والخبرات الحضارية.
2.  حصرت الثورة النظام في مربع العنف، وسجنته في دائرة الدم والمعالجة الأمنية، وفرضت عليه العزلة القسرية سياسياً أمام العالم واجتماعياً حين شرع يقتل القبيلة اليمنية ويغتال غدراً مشائخها بعد أن أرسلهم كوساطة، ولم يعد أمام النظام لبقائه سوى القتل، ولم يبق معه غير مجموعة من القتلة يخالفون الدستور الذي يحدد في مواده مهام الجيش في حفظ السيادة اليمنية وليس في قتل أي مواطن إلا بحكم قضائي، هكذا قرر الدستور اليمني الذي يصون الدم اليمني ويحفظ حرمة البيوت، ولا يجيز لأحد العدوان، ولا يقبل من أحد استخدام الجيش لضرب اليمنيين، إن النظام فقد الأمل في البقاء في سدة الحكم لذلك فهو يقتل الوسطاء، ويقصف البيوت بالدبابات، ويسلم البلاد لعناصر من القاعدة، ويظهر وحشية غير مقبولة، وعنفاً غير مسبوق، واعتداءً وعدواناً لم يحدث في اليمن من قبل.
3.  سيطرت الثورة ميدانياً على كل مناطق الجمهورية، وهذه الثورة عُمدت بالدم الغالي، وتأكدت بقوافل من الشهداء، وأصبحت الثورة هي الفاعل الرئيسي على الأرض، إن النظام لا يمتلك المبادرة، فقد سيطرت الثورة على الفعل وتركت ردة الفعل للنظام فسقط في متاهة ردة الفعل، وإن كان رد الفعل عنيفاً وقاسياً ومهما كانت درجة عنفه وقسوته فهو يمارس ردة الفعل ولكنه لا يصنع الحدث، وردة الفعل هي أهم مراحل السقوط، لأن إتباع أسلوب ردة الفعل يقود من يقع فيه إلى المجهول، ويجعله يتخبط وهو ما يفسر كل هذه الاختراقات التي يمارسها النظام حد استخدام الطيران ضد المواطنين اليمنيين، واحتراف القتل، والتدمير، والتخريب، والاعتداء، يعني مرحلة اللاتوازن وهو ما يشي بقرب السقوط المدوي إن شاء الله.
4.  كشف سوءات النظام، فلقد خدع اليمنيون في هذا النظام، وظنوا الخير في غير موضعه، وهو ما يمكن أن نرجعه إلى طيبة الشخصية اليمنية، وهو ما استغله النظام أسوأ استغلال، لقد سرق النظام الدولة، وحولها من مؤسسات حاكمة إلى شخص الحاكم، وسرق التاريخ فصادر كل عمل قام به اليمن واليمنيون، فالوحدة صنعها علي صالح، هذا لم يضحِّ في سبيلها بشيء، وإنما تفيَّد دولة بأكملها، وسرق الثروات وأضاع العملة فاليمن في عهد الرئيس الشهيد/ إبراهيم الحمدي كانت رغم مواردها الشحيحة ذات عملة قوية وشخصية مهابة جعلت من الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات يقول عن إبراهيم: أصغرنا وأذكانا، فهل سمعتم لإبراهيم الحمدي خطبة في تلفزيون صنعاء، وهو الذي أدخل التلفزيون إلى اليمن، وهل سمعتم حديثاً عنه في أي حديث تنموي، برغم أن إبراهيم هو وضع الخطة الخمسية للتنمية.
إن الثورة عرفت الشباب تاريخهم الوطني، فعرفوا من هو إبراهيم الحمدي، من هو عبد الرحمن الإرياني، من هو علي عبدالمغني من هو أبو الأحرار الزبيري وكثير من شهداء الثورة ومناضليها، لقد اكتشفنا زيف علي صالح، وظهر لنا على حقيقته يقصف اليمن بالطائرات ويقتل اليمنيين بالدبابات ويخيف الآمنين بكتائبه الأمنية، كم كنا مخدوعين في هذا الرجل الذي يتعامل مع اليمن بقسوة مفرطة، حتى أن ما يحدث في اليمن لم يحدث إلا مع الفلسطينيين في غزة، حين يقطع عنا الكهرباء والديزل والبترول والغاز، وما حدث في تعز هو هلوكست اليمن ولن يمر هذا الأمر بسهولة لا من الذاكرة اليمنية ولا من عقوبة الله على من اقترفه.
5.  حافظت الثورة على سلميتها، الأمر الذي جعل كل الحماقات التي يرتكبها النظام تدخل في قائمة العدوان، وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، واستطاعت الثورة أن تخطف إعجاب العالم بسلميتها، وهو ما أدى إلى الثقة في قدرات الشعب اليمني وهو ما عبرت عنه الإدارة الأمريكية بقولها: إن علاقتها مع الشعب وليست محصورة بالنظام، وسلمية الثورة هي الكلمة المفاتحية التي تعطي الثورة شرعيتها الشعبية والدولية، وهي الأساس الذي تقوم عليه دولة اليمن الجديد دولة النظام والقانون.
6. القبيلة هي ركبة الدولة، ولا تعارض بين الدولة والقبيلة، فالقبيلة مكون اجتماعي وليس معادلاً موضوعياً للدولة، واحتراب السلطة مع القبيلة يعني زوال السلطة وبقاء القبيلة، فمثلا: الإمام أحمد قتل حسين الأحمر جد صادق الأحمر وعمه حميد بن حسين الأحمر، وانتهى الإمام أحمد وبقيت أسرة الأحمر، انتهت دولة بيت حميد الدين، والقبيلة اليمنية بصورة عامة لا تقبل الضيم، ويتداعى أصحابها لإزالة العار الذي يحاول أي أحد إلصاقه بهم، والقتل أسلوب غير مجد في الصراع لأن العرب لا تموت إلا متوافية، كان الناس قبل التكنولوجيا يقولون فلان قتل في يوم أبيض، لكنهم اليوم يصورون القاتل بلطجياً أو عسكرياً، ويعرفونه وكل ظفر تحته لحم ودم، وبشر القاتل بالقتل، وكل قاتل موعود بالقصاص.
ثانياً: المطلوب:
هناك أمور مهمة يجب القيام بها لتعريف العالم بثورتنا، وتعجيل النصر لها إن شاء الله تعالى، ويمكن عرض ذلك فيما يأتي:
1.  استنفار العالم من خلال:
a. الزحف الإلكتروني، وذلك من خلال مراسلة المنظمات الدولية والإقليمية والعربية، وكافة فروعها وما يتبعها، خذ إيميل كل المنظمات، الأمم المتحدة، وحقوق الإنسان، والعفو الدولية، ومحكمة الجنايات، والإتحاد الأوروبي، وما يتبعه من منظمات حقوقية وإنسانية، ومنظمة دول عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، وما يتبع هذه المنظمات من مكاتب ولجان، راسل الجميع، إن هذا الزحف مهم.
b. مراسلة كتاب الأعمدة في الوطن العربي في كبريات الصحف العربية، أدخل على أية صحيفة وسترى إيميل كل كاتب تحت اسمه، راسله واسأله عن دوره لحماية حقوق الإنسان في اليمن، وسلامة الطفولة والمعاقين في اليمن
c.  مديرو القنوات الفضائية العربية والعالمية، طالبهم بأن يعطوا اليمن حقها، وأحرج ضمائرهم بأن تصحوا من سباتها.
d. حملة في الفيسبوك، لنعرّف كل من نعرف في فضاء الفيسبوك عبر العالم بقضية اليمن، بجمعة الكرامة، والأربعاء الدامي، ومحرقة تعز، وغيرها من الجرائم التي اقترفها النظام بحق شعبنا العظيم، بسلمية ثورتنا ونبل مقصدنا وشرف وسيلتنا.
e. الاتصال التلفوني بالناس بالبلاطجة بالمسؤولين، إن البلاطجة يضيعون أنفسهم حين يضعون أنفسهم في وجه المدفع، قل من تعرف منهم إن صورتك مسجلة وأنت في أسطح المنازل، وشرفات البيوت، والمعلب الرياضي، وهي جرائم موثقة والقضاء سيحكم فيها، وقل للمسؤولين هل معكم ضمير هل يستحق الكرسي الذي يجلس عليه أحدكم أن يبيع دينه ودنياه وضميره وإنسانيته، وهل ما زلتم بشراً تتألمون مما يتألم منه الناس، هل تقبل أن يقتل ابنك ويتفرج الناس؟ فما بالك لا تبالي.
f.   الرسائل القصيرة لكل من تعرف، يجب أن يثور اليمن كله ثورة سلمية، تخلص من مقاعد المتفرجين، فاليمن تدعوك لنصرتها، والسلبية في هذه الأيام لم تعد مقبولة بحال من الأحوال.
2.  الأمن المعلوماتي من خلال:
a. الرصد والتوثيق بالصوت والصورة قال الله تعالى: {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (5) سورة التوبة.
b. التواصل فيما بيننا بالأخبار الصحيحة، فالقرارات تبنى على المعلومات، وكلما كانت المعلومات صحيحة دقيقة أكيدة، كانت فاعليتها أكثر.
c.  قمع الإشاعة، وعدم السماع للمرجفين في الأرض، قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (83) سورة النساء.
3.  الشورى في اتخاذ القرارات، والشورى لأهلها وليست لكل الناس حتى لا تخرج الأخبار، ولو استغنى أحد عن الشورى لاستغنى عنها رسول الله ومع ذلك أمره الله بها، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران
4.  الواجبات التوعوية.
a. التوعية الإيمانية وتشمل:
i.   الدعاء والاستغاثة بالله تعالى.
ii.   قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار.
iii.   كثرة الذكر ولذكر الله أكبر.
iv.   قيام الليل وهو دأب الصالحين.
v.   الاستغفار وخصوصا في الأسحار.
vi.   كثرة الصيام.
vii.   الإنفاق المالي.
b. التوعية الدستورية للحرس والأمن، بأن مهام الجيش والأمن حفظ السيادة الوطنية والأمن وليس قتل اليمنيين، وقراءة المواد الدستورية عليهم وشرحها لهم.
c.  كشف جرائم صالح، لا ننسى كم اجتهد هو شخصياً وبلاطجته الإعلاميون في حادثة الشيوبة، تلك الفضيحة الشهيرة التي شاهدتها الملايين حول العالم.
d. بيان منجزات الثورة على الأرض، نحن سلميون، لم نقتل أحداً، يرمون بالرصاص الحي فنرميهم بالورود.
e. وأخيراً فإن مكان القاتل السجن المركزي وليس أي مكان آخر.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد