كان يا مكان من قديم الزمان في مدينة الحب والسلام..عدن مدينة البحر والشمس والجبل..عبده الإنسان البسيط، على قدر حاله مواطن عادي زى آلاف المواطنين في مدينة عدن الحبيبة، وهو أيضاً موظف حكومي وطبعاً راتبه زي معظم العدنيين يا دوب يقضيه وذلك بسبب أن جزءاً كبيراً من أبناء مدينة عدن توظفوا قديماً بشهادات الثانوية العامة (ثانوية عامة قديم) أو دبلوم متوسط وهذا بدوره ينعكس على الراتب وما تشفع لهم إلى حد ما هي سنين الخدمة.
ولأنه لا يوجد نظام الإضافي في أغلب مرافق العمل الحكومي، فإن آخر الشهر يستلم الراتب اليتيم فقط, وحتى في المرافق التي يتواجد فيها نظام الإضافي، فلن تتخيل التفاوت فيه من الدواوين "الوزارات" أو الإدارات العامة للمؤسسات إلى الفروع أو حتى بين موظف وآخر حسب قرابة أو علاقة الموظف بالمدير وأحياناً حسب مزاج المدير، والبعض وشوش في أذن عبده من زملائه في العمل إن كشف الإضافي الذي يرفع للإدارات العامة حاجة والكشف الذي توقع عليه يا عبده عن استلام الإضافي حاجة ثانية, كشف فيه أصفار تطير، المهم أنه لا يوجد تسعيرة ثابتة للإضافي يعرف الموظف على ضوءها ما هو له وما هو عليه وبالتالي يطالب بحقوقه في حالة وقوع ظلم عليه.
ويا ويلك يا سواد ليلك يا عبده لو طالبت بحقك أو قلت للمدير الفلاني أو المسؤول العلاني إنك ظلمتنا أو حتى غلطان ( مبدأ الشفافية)، فعندها ستتحول حياة عبده إلى جحيم في العمل وأصحابه والموظفين الواقعين تحت نفس الظلم والجور والذين كانوا يصفقوا له وينفخوه عشان يطالب بحقوقه أول ما يوقع في الكلام كلام (هووف) فص ملح وذاب وهم أو ناس يوقفوا ضده ويغلطوه ويقولوا له (الأمور متجيش كده لازم تدالي دلا دلا وتحايل بالمدير وتشرح له ظروفك وإنك صاحب عيال و.. و.. إلخ) يعني يا عبده تشحت حقك شحت .
يعني ما فيش فائدة ويسكت الواحد أحسن له من الهدرة الكثير الذي ما فيش منها فائدة غير وجع القلب ولكن خد بالك أن سكوت عبده ليس هو السكوت علامة الرضا، ولكن سكوت كبت و( آح لداخل).
وهذا السكوت عن الحق ليس طبعاً في نفوس العدنيين، ولكن ما هو إلا رواسب الخوف على الأرزاق والخوف من بطش المسؤولين ومعرفتهم أن أحداً لن ينصفهم أو حتى يحميهم وقت الله الله وذلك بسب الفساد والمحسوبية و.. و...إلخ.
فيفضلون السكوت و(تكفه الشر)، أحياناً أو بسبب ترفعهم وتعودهم أنه يجب أن يتحصلون على حقوقهم دون إذلال، بالرغم أنهم أشد حاجة من غيرهم الذين يحصلون عليها بالتملق والبروش.
 ولكن احذر يجب عليك أن لا تعتقد أنه شعب ساكت على طول.. أبداً فقد تضطر إلى وضع سدادات في أذنيك إذا كنت في الشارع أو في وسائل المواصلات إذا ما فتح أمثال (عبده) أي قضية من فساد, غلا, مشاكل كهرباء، فالكل سيتكلم وينظر(ويتفشفش) وحكاية تجر حكاية حتى يصيبك الإحباط والكآبة وتسود الدنيا بعيونك ومتشوفش قدامك لدرجة أنك تتوقع قيام الساعة بعد ساعة.
في يوم استلام الراتب يروح عبده ويستقبلوه أصحاب الديون قبل أهل بيته، فيقسم الراتب بينهم جزء لصاحب الدكان وجزء لصاحب الخضرة وجزء لفواتير الكهرباء والماء والباقي يقضيه إلى منتصف الشهر، وبعد هذا اليوم يبدأ مسلسل السلف والدين إلى نهاية الشهر وهكذا دواليك يقضي عبده وغيره من الموظفين حياتهم شهر بشهر حتى تنقضي سنين خدمتهم ويأتي التقاعد والذي يعتبرونه شهادة وفاة مؤقتة لتبدأ معها رحلة كفاح من نوع أخر.. وللحديث بقية.