كالعادة في مثل هذه الأيام من كل عام يخوض طلابنا في الثانوية العامة والشهادة الأساسية امتحاناتهم وسط تشديدات أمنية وأجواء حارة –نوعاً ما.
والإستثناءات التي حدثت هذا العام وتوافقت مع الوضع الراهن في البلاد هي أن طلابنا المغلوبون على أمرهم يعانون الأمَرين، المذاكرة في ظل كهرباء منقطعة طوال اليوم ووسائل مواصلات تكاد تكون معدومة بسبب ارتفاع مادتي الديزل والبترول وحتى شُربة الماء لا يجدونها إلا لتزيدهم ظمأ لا لتروي عطشهم.
المُضحك في الأمر أن حكومتنا الموقرة ممثلة بوزارة التربية والتعليم وعبر رسائل نصية تصل للموبايل تحثنا على إنجاح عملية امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية، فماذا عسانا أن نفعل لهم ونحن نبذل قصار جهدنا للتخفيف عنهم وعن كاهلهم عبء المذاكرة في مثل هكذا ظروف في حين أنهم (أقصد الحكومة) يقولون ما لا يفعلون..
هذا فعلاً ما ألمسه حينما أجد شقيقي الأصغر وهو طالب بالثانوية العامة يعود للمنزل بعد الامتحان متأخراً بسبب صعوبة تواجد مواصلات وهو في حالة يُرثى لها، وحينما يبحث عن ماء يغسل تعبه ويزيل حرارة الشمس الحارقة من على جسده لا يجد إلا ماء يكوي، فيظمأ أكثر ولن أنسى معاناته مع المذاكرة في ظل جو مظلم إلا من أضواء شموع بسرعة اشتعالها تنطفئ أيضاً، هذا بالإضافة إلى الضغط النفسي بسبب الوضع الأمني في مراكز الامتحانات، فهو كما تحدث لي يعاني من تشتت أفكاره في وقت الامتحان بسبب عمليات الكر والفر بين رجال الأمن وأطراف أخرى داخل المركز وخارجه، ويزداد تشتتاً حينما يسمع طلقات نارية بالقرب من المركز الإمتحاني.. أبعد هذا كيف يريدونها ناجحة؟!
عليهم أن يبدأون بأنفسهم، فيشعرون ولو قليلاً بروح المسؤولية تجاه أبنائهم الذين يحتاجون كأقل شيء إلى ضوء الكهرباء كي يذاكرون جيداً ومع أن كل عام تحدث هذه الظاهرة إلا أنها ليست كما هي الآن بشكل ملحوظ ومستمر، بل ومستفز يجعل من طلابنا عرضة للاكتئاب والطفش.
ما أريد أن افهمه من المختصين في وزارة التربية والتعليم ما الذي يقصدونه حينما يقولون أن أي شيء يعرقل عملية سير الامتحانات يتحمله شباب التغيير!!، فهل شباب التغيير من أطفأوا الكهرباء وشربوا الديزل والبترول، ليمشي الطلاب الطريق بأقدامهم؟، عجيب فعلاً تفكيرهم القاصر.
حتى الطلاب الذين هم في الخارج أو في قراهم بعدما نزحوا إليها بسبب الوضع ولا يقدرون على العودة أو يخافون ماذا بشأنهم؟!، أكيد يرجعوا كما تحدث أحد المسؤولين.
فإذا كنتم فعلاً حريصين على أبناءكم الطلاب، انظروا بعين المسؤولية فعلاً لا قولاً، وساعدوهم على تخطي موجعات الوضع ليكملوا العملية الامتحانية بأمان، خاصة وأن معظم المراكز الامتحانية بعيدة عن المنازل، وأوقفوا نزيف الظمأ لقلوب حانئة لا تجيد سوى البقبقة فقط، وأوجدوا حلاً لمشكلة الكهرباء والمواصلات فعلاً إن كنتم تحبون أبناءكم، أما أن تحثون الغير على المساعدة دون أنفسكم، فهذا –بالفعل- هو الغباء.. مع احترامي للفظ نفسه.
أحلام المقالح
يقولون ما لا يفعلون 2345