كل يوم يمر على اندلاع ثورتنا اليمنية الخالدة بأذن الله يثبت الشباب في ساحة التغيير بأنهم صامدون في وجه هذا النظام الذي يتهالك يوماً بعد يوم أمام قوة وعزيمة وإصرار الشعب في إسقاطه ورحيله دون مساومة أو نقاش.
فكلما ابتكر النظام طريقة يضيق بها الخناق على هؤلاء المعتصمين يبتكرون هم طرقاً تجعلهم يقاومون هذا التحدي بتحد أكبر, ابتداءً من محاولات النظام المتكررة والفاشلة لإخلاء الساحة بالقوة أو بأساليب الحيلة واللف والدوران, ومروراً بقطع إمدادات الغاز والنفط وقطع الطرقات المؤدية للساحات, وانتهاءً بقطع الكهرباء بصورة متكررة عن الساحة وعن العاصمة وجميع المحافظات.
ففي الأسبوع الماضي قرر الشباب الذي تغلب على المعوقات السابقة بالإصرار والعزيمة والبحث عن البدائل, أن يخلق بديلاً للكهرباء العمومية المتهالكة والتي حرص النظام أن يذلّ ويشغل بها الشعب في اطفاءاته المتكررة التي وصلت حد الأربعة وعشرين ساعة في اليوم، وأن يجعل هذا البديل من الساحة نبراساً مضيئاً في وجه ظلام هذا النظام البائد.
فعبر التبرعات التي كانت تجمع من خلال الساحات، ومن أهل الخير ممن دعم هذه الثورة قام الشباب بشراء مولد كهربائي بقيمة تبلغ ( 56000$) ستة ألف دولار بما يعادل ( 13,000,000 ) ثلاثة عشر مليون ريال يمني تقريبا ً وبقوة إجمالية 350 كيلو وات.
ليضيئوا به محيط الساحة وما يجاورها من محلات، طوال الأربع وعشرين ساعة في اليوم ليثبتوا أن نور الحق هو القادم من هذه الساحة وغيرها في المحافظات لدحر ظلم وجبروت هذا النظام الذي يصر على إغراق اليمن بظلامه الدامس والكذب عليه مراراً وتكراراً بمشاريع وهمية لإنارة العاصمة على الأقل والتي كان آخرها مشروع الطاقة النووية المزعوم والذي كان سيكبد البلد خسائر مهولة وديوناً لن تخرج منها لأعوام عديدة لولا تيقظ الشرفاء من أبنائه وإيقاف هذا المشروع المدمر للوطن وخيراته.
اليوم ساحة التغيير تضيء في الليل كجوهرة مضيئة تحفها الملائكة والرحمة وتباركها الأرض والسماء, بينما بقية أحياء صنعاء غارقة في الظلام كأنها مصابة بلعنة منذ زمن غابر لن يعتقها منها إلا تعويذة يلقيها أبناء هذه الساحة الذين تحدوا المستحيل لتغيير هذا الجور الذي أثقل كاهل الوطن وجعله يشيخ في عزّ صباه وعنفوانه.
ليعلم الجميع أن التغيير قادم لا محالة حاملاً معه النور الذي سيجلي ليل الأنين الحالك والحرمان والجوع والمذلة وستشرق فيه شمس العزة والإباء وترتفع هامة اليمني وكرامته عالياً بعد أن أحناها النظام ردحاً طويلا.
الرقص على نعوش المواطنين
ظل الرئيس الراحل/ علي عبد الله صالح يردد عبارته المشهورة انه الراقص على رؤوس الثعابين وانه يجيد ذلك بقدرة فاقت جميع من سبقه وهذا ما جعله بمكث 33 عاماً على كرسي السلطة.
واليوم أثبت أبناؤه وأقاربه أنهم بارعون أيضاً في أداء رقصة أكثر دموية من زعيمهم، فهم اليوم قد أجادوا ببراعة الرقص على نعوش المواطنين وينتعشون بسعادة لدى رؤيتهم دماء أبناء اليمن تسفك هنا وهناك لا لشيء إنما ليثبتوا بأنهم أولو بأس وقوة وأنهم باقون وصامدون ولن يسلموا السلطة إلا ليد أمينة التي اختارها الرئيس مسبقاً والمتمثلة اليوم بأكبر أبنائه.
فمنذ الليلة التي أطلقت فيها قوات الجيش وأنصار النظام الأعيرة النارية المختلفة في عدد من المحافظات والتي كان القصد منها إثارة الرعب والفزع في قلب أي شخص يحاول أن يتسلم هذه السلطة بمن فيهم عبد ربه منصور هادي الممنوع من دخول القصر الرئاسي، وإيصال رسالة بائسة لإثبات الوجود واستعراض للقوة التي لا يقوم بها إلا جبان يخشى الهجوم.
وتلك الليلة وحدها أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا ناهيك عن الضحايا الذين يسقطون يوميا في حروب أدارها النظام في مناطق متعددة وافتعل لها أسبابا واهية ابتداء من القاعدة في أبين وما جاورها، وأبناء الأحمر في أرحب والحراك الجنوبي في عدن, وإنه مستعد لخلق أعذار أكبر قبحاً وجرماً لمواجهة الشعب برمته إذا ما أراد أن ينقلب على هذه القوة العسكرية التي تملكها أسرة في دولة يدّعون بأنها ديمقراطية ويتغنون بهذه الاسطوانة.
ليتضح جلياً للرأي العام أن هذا النظام الذي يتباكى على السلمية والمدنية والأمان الذي فقدهم الشعب اليمني بسبب أفعال اللقاء المشترك وبعض الشباب المغرر بهم حد قوله، إنما هي أكاذيب سطرها ليواري بها سوءته التي تكشفت ولم يعد يستطيع معها إلا استخدام القوة في نزعته الأخيرة قبل الرحيل قائلا (عليّ وعلى أعدائي).
بشرى العامري
النور القادم من ساحة التغيير 2358