من أين يبدأ التغير؟ أم من المدرسة أم الشارع أم البيت أم أن العلة تكمن في الأنفس ذاتها وفي القلوب وما تحويه بين خلجاتها؟
من أين يبدأ التغيير في بلد كل ما فيه يسير عكس الاتجاه الصحيح ويحتاج إلى تغيير بل إلى استئصال من الجذور، هل نبدأ من المرافق الحكومية التي تحتاج إلى تغيير يشمل كافة مسؤوليها بآخرين يخافون الله في الناس فلا رشوة ولا سرقة ولا مغالطة أو مجاملة وطبعاً لا وساطة في المستشفيات، نحتاج إلى تغيير الأطباء والممرضين بآخرين زرع الله في قلوبهم الرحمة والحب فيعالجون المريض بأمانه ويعطونه الدواء حتى ولو لم يكن معه المال.. في البقالات والمحلات نحتاج تجار رزقهم الله القناعة والرضى بالقليل فلا زيادة في الأسعار ولا غش في المواد الغذائية.
في المدارس نحتاج إلى أكثر من تغيير يبدأ من المنهج المعقد والممل الذي يتعامل مع الطالب وكأنه آلة بمنهج سليم مبسط يحترم عقل وسن الطالب إلى مدرس مؤهل علمياً وأخلاقياً ونفسياً يدرك جيداً دوره ومسؤوليته في كونه مربي أجيال سيصبحون ذات يوم مسؤولين عن هذا البلد، لذا عليه أن يكون قدوة حسنة لهم لأنه مربي قبل أن يكون معلماً.
وفي الشوارع نحتاج إلى تغيير في سلوكنا وتعاملاتنا فيما بيننا كما أوضح الحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام حين قال : { إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا : يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال: إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقها، قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر } متفق عليه
بقيت البيوت وما أدراك ما الذي يحصل في بيوتنا، ففي كل بيوت العالم مصيبة وفي بيوتنا اليمنية نعاني من مصيبتين أولهما الغربة وثانيهما القات وكلاهما أمرّ من الآخر، لان البيوت تبقى ناقصة مبنية من جهة ومشروخة من جهة أخرى وبدل أن يقود السفينة ربان ومساعد يبقى المساعد وحيداً ينهكه الحمل الثقيل فلا يقوى على مواصلة السير
بيوتنا فيها آباء إما رحلوا بعيداً أو تنحوا عن الحكم وتركوا المسؤولية للأم وحدها بضعفها وقلة حيلتها تكابد الأمرين بين كبت مشاعرها واحتياجها لرجل يشعرها بالأمان وبين أبناء مع كثرة ما يتلقونه من العلم سواء في المدارس أو المعاهد إلا أنهم لا يدركون أبداً ما تعنيه دمعة تنزل من عيني أم تحملت وتنازلت عن كل احتياجاتها وصبرت على المر في سبيل أن ترى فلذات أكبادها ينعمون بحياتهم.
وفي كل الحالات ترى هؤلاء الشباب يشكون من ضيق الحياة وسوء الحظ وقلة وجود فرص العمل إلى عدم التوفيق في الزواج فالبنت لا تجد عريساً برغم جمالها وتعليمها والشاب لا يجد شريكة حياته بسهوله رغم كثرة البنات، ينسون أو يجهلون أن التوفيق من الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا بدعوة أم تخرج من قلب راض تفتح أمامها أبواب السماء السبع فيفتح بها الرحمن لمن كانت له أبواب السعادة في الدنيا والآخرة.
فمن أين يبدأ التغيير وكل ما فينا وما حولنا يحتاج إلى تغيير وتصحيح وإعادة بناء؟.