"جيفري فيلتمان" وصل إلى صنعاء يوم الأربعاء 22/يونيو/ 2011م لإجراء مباحثات مع بعض أطراف العملية السياسية والتي انهارت بسبب العناد والغرور والسمنة المفرطة في الذات.
وصل "فيلتمان" لمساعدة سفيره المنهك جراء مفاوضاته مع الأطراف المتخاصمة لتمرير "الحل الأميركي" وشل حركة الانتفاضة الشعبية التي لم يولها السفير اهتماماً حقيقياً منذ تصاعد فعلها والتي تعرضت لقمع فاشستي من قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والشرطة العسكرية والعملاء السريين لأجهزة المخابرات والمعروفة في اليمن بـ"البلاطجة".
"فيلتمان" مهمته محدودة جداً وهي "قبول الجميع بالحل الأميركي"، على غرار مقولة السفير الأميركي: لابد أن توقع على المبادرة، "فيلتمان" اشترط أن يكون اللقاء المشترك هو فريسته الأولى، أي أن يجتمع به أولاً، ثم يواصل الاجتماع بالطرف الثاني "عناصر النظام"، وهنا لم تدخل في أجندته "ساحات الانتفاضة"، لأنها كما يعتقد الأميركان عبارة عن تشظيات لا كيان يستطيع التفاوض معه، ويكون ملتزماً سياسياً بما سوف يتمخض عنه "الحل الأميركي".
الأميركيون هنا منذ زمن بعيد وهذا لا غبار عليه في سياق العلاقات السياسية بين الدول المستقلة والعضوة في منظمة الأمم المتحدة، غير أن الأميركيين أضافوا إلى ذلك اتفاقية استباحة الأراضي اليمنية والهيمنة على قرارات المنظومة السياسية للدولة، كيف تم ذلك؟
في السابق اتخذوا من سلطة صنعاء وأراضي اليمن الشمالي منطلقاً لمحاربة جمهورية اليمن الديمقراطية التي ارتبطت استراتيجياً بالدولة السوفيتية، وقامت واشنطن بعدة عمليات استخباراتية وعسكرية، انطلاقاً من اليمن الشمالي وبموافقة سلطتها السياسية لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن الجنوبي ومن هذه العمليات العملية المشهورة بمجموعة "دهمس" (21) شخصاً والتي كانت تهدف إلى إحراق العاصمة عدن، وتغلغلت الأجهزة الاستخباراتية في اليمن الشمالي مكونة حلقة دعم قوية للنظام "العسقبلي" الذي نشأ في 1978م.
الأميركيون "الإدارة السياسية والعسكرية والاستخباراية" ساهموا بصورة مباشرة في تثبيت الديكتاتورية وشجعوها على الاستبداد والانغماس في الفساد الاقتصادي والإداري والسياسي، حتى أضحت الدكتاتورية دمية أو رهينة بأيديهم، يتصرفون بها كيفما يشاؤون مقابل التشبث بالسلطة.
الأميركيون وبوسائل متعددة شجعوا الدكتاتورية العسقبلية على بناء ذراع وهمي تحت مسمى "تنظيم القاعدة" وأضافوا له أنه أخطر تنظيم إرهابي في المنطقة وهو القائد الفعلي لتنظيم القاعدة "الوهمي" في الجزيرة والخليج، ويشكل خطراً على المصالح الأميركية والأوروبية "تصوروا أن يمنياً فقيراً وشبه متعلم يقود سعودياً أكثر تعليماً وغنى"، واستباحوا اليمن وسيادته ونفذوا عمليات عسكرية مميتة في أكثر من منطقة.
الأميركيون قالوا: إن الممر الاستراتيجي في باب المندب والبحر الأحمر تحت السيطرة وآمن، لأنه يمر من خلاله يومياً "3" ملايين برميل نفط إلى أميركا وأوروبا وأن خطر القرصنة الصومالية قد زال بعد إنشائه واتخاذ عملياته كذريعة للسيطرة والهيمنة عليه عسكرياً أميركياً وأوروبياً.
الأميركيون استغلوا الانتفاضة الشعبية والانهيار السياسي والاقتصادي وصعدوا من عملية استباحة السيادة الجغرافية والسياسية، بعد أن أثبتوا أن لا تنظيم قاعدة ولا يحزنون، حيث حصدوا عبر شركة "بلاك ووتر" سيئة السمعة في العالم ملايين الدولارات التي تولت الجانب الأمني في خليجي عشرين ومن خلال تدريب قوات النخبة وحراسة الداد، والعالم تابع خليجي عشرين الذي نجح أمنياً ورياضياً مع الفشل الذريع الذي لحق بالمنتخب اليمني، ملف تنظيم القاعدة كشف الآن من خلال تصريحات اللواء/ علي محسن الذي أكد وهو يمتلك معرفة شاملة ودقيقة لملف كهذا، أن تنظيم القاعدة هو منتوج محلي وسلطوي بامتياز، ولكي أساعد على تثبيت هذا الرأي والذي اتسق مع كتاباتي السابقة في عدة صحف التقيت في منطقة "الدمنة" بمحافظة تعز بضابط من سلاح المهندسين إذ قال: إنه اتصل بقناة السعيدة بشكل سافر دون أن يتخوف من بث اسمه وحدثهم عن ابنه "رضوان السامعي" المنتسب إلى قوات النظام ورابط في شبوة، طالباً منه السفر إلى القرية للزيارة، فرد عليه رضوان: إنه لن يسافر، لأنه يعمل على شريحتين مع الرئيس، فتارة جندي في اللواء وتارة أخرى –عندما يأمر الرئيس- كتنظيم قاعدة ويحصل على راتب وقدره "120" ألف ريال، وتلقى هذه الآراء دعماً من التقارير الدولية المتخصصة.
والأميركيون مطمئنون لتدفق النفط اليمني على قلته، فهو لا يتعرض لأي أذى وأمس الثلاثاء الموافق 21/6/2011م تم إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المتهمين بالانتماء إلى التنظيم الوهمي "62" شخصاً وفي أبين انسحبت قوة مكافحة الإرهاب والأمن المركزي وسلمت عتادها لـ"أبو شريحتين" والمدربين تدريباً جديداً "جنود وتنظيم القاعدة في آن واحد"، وهكذا بدأت العمليات العسكرية ضد اللواء "25" ميكا الذي يشتبه أنه غير موال لكتائب صالح، والسلطة المحلية ممتدة إلى أطراف عدن وعمق عاصمة لحج.
وفي ظروف كهذه أعلنت قيادة العمليات المشتركة أنها شنت هجوماً بطائرة بدون طيار مستهدفة أنور العولقي –الثعلب في الغابة- وقتلت شخصين كانا في السيارة وهي الآن تساهم بتدمير مدينتي زنجبار وجعار وقتل السكان وتشريد النساء والأطفال والشيوخ.
وفي خضم هذا العمل، يعمل السفير الأميركي وبدون كلل ومنذ ظهور المبادرة الخليجية كمنقذ للعملية السياسية في البلاد، تحاشياً كما يزعمون من انفلات فقراء اليمن ويقتحمون البوابات السعودية "اليمنيون أثبتوا بطلان هذه النظرية السيئة" وزادت وتيرة نشاطه بعد حادث 3 يونيو في دار الرئاسة ظهوره إلى جانب عبدربه منصور كمندوب سامي يملي على الرجل الأوامر الصارمة، غير أن فيلتمان والسفير يقفان أمام استحقاقات هذه الأطراف: منظومة السلطة ومنظومة المسلحين المعارضين لصالح واللقاء المشترك ومنظومة الساحات، فما عساهم فاعلون لأجل تثبيت نظريتهم الأمنية؟.
عبدالرحيم محسن
ماذا يعمل الأميركيون هنا؟! 2223