تفاءلت كثيراً في مقالتي السابقة، حين قلت بأن صالح لن يعود، ولكن يبدو بأننا لن نجني الخير المنشود من التفاؤل، فإعلان عودة صالح يعني عودة البلاد إلى نقطة الصفر في الوقت الذي وصلنا فيه إلى مرحلة التفكير بوسيلة مناسبة لنقل السلطة بشكل سلمي، كنا مؤمنين بأن النظام قد انتهى ومازلنا مؤمنين بذلك، ولكن للأسف بعض الناس فقدوا الحماس الذي كان يتوجه الصمود وأصبحوا لا ينظرون إلى الثورة سوى من ذلك المنظور الضيق وهو مسألة الوقت بأن الثورة طالت وبأن هذا التطويل من مؤشرات الفشل.
طبعاً.. أنا تعمدت أن أقول بأنهم البعض لأنني مقتنعة قناعة تامة بأن الأغلبية مازالوا صامدين، فعودة صالح لا تعني بأن نظامه مازال قائماً وبأن الثورة فشلت، لأن نظام صالح قد أحُرق منذ أول يوم تعالت فيه أصوات الأحرار المطالبين بإسقاطه، لأنه حتى وإن كانت عدالة السماء لم تتدخل وتحرق هذا النظام ورموزه، فإنه قد أحُرق من قبل الشعب الحُر الذي أرخص روحه ودمه فداء لوطن كان يحتضر جوعاً وفقراً ومرضاً.
والشيء الواقعي والمنطقي بأن عودته من المستحيل أن تكون تحمل صفة سياسية، فقد سُلبت هذه الصفة منه بقوة الشرعية الدستورية التي لا تبيح لأي من كان أن يستبيح دم امرئ مسلم، فهو عند سفره كان فاقدها، فكيف سيعود باسمها، ولكن إن أردنا أن نوضح الصفة التي سيعود بها فإننا نقول بأنه سيعود بصفة انتقامية، ليكمل الحرق والقتل والقمع الذي كان يمارسه على شعبه قبل رحيله وهذا ما نخشاه، لأنه مسيطر على البلاد بالقوة العسكرية التي جعلت نفوذه باقٍ فوق سلطة الدستور والقانون، فهو قد رسخ بقاءه بجعل المؤسسات العسكرية بيد أقاربه، فالمؤسسة العسكرية في اليمن تربت على أسس أسُريه، وليست على أسُس وطنية، لذلك من الطبيعي أن يكون ولائها وانتمائها لزعيم النظام الأسُري وليس للوطن.
فنسأل الله أن لا تكون عودته فتنة للوطن والمواطن، فالوضع أصبح متوتراً جداً إلى درجة لا تقبل العودة إلى بداية كان الثوار قد رسموا ملامح نهايتها بالمطالبة بمجلس انتقالي، لأن الشروع في تجسيد هذه الفكرة هو الذي سيخمد الأزمات التي يعيشها الوطن وسيهدئ من التصعيد الإعلامي والميداني وبذلك ستستتب الأوضاع، لكن للأسف هذه الفكرة محاربة من عدة جهات تحت مبرر ضرورة الاقتناع بالمبادرة الخليجية كحل وحيد لا يقبل له ثانٍ، وليس هذا العائق فحسب وإنما شباب الثورة فقدوا من يسندهم ويتبنى فكرتهم حتى المعارضة التي تعتبر أقوى كتلة سياسية في البلاد لم نشهد لها الموقف المستقل الذي يجب أن تجسده بجهود ومساعٍ حقيقية نلمسها ونشهدها على الواقع.
ولكن للأسف أصبحت المعارضة تكتفي بالرد على تصريحات النظام المنتهي في وسائل الإعلام، يعني أنها تستقي أفكارها من تبعيتها لتحركات النظام وهذا هو الحاصل الآن النظام الميت يريد أن يثبت بأنه مازال ينبض وباقٍ على قيد الحياة، رغم طعنة الشرعية التي أصابت قلبه والمعارضة تكتفي فقط بنفي ما هو منفي أساساً والشعب يريد مجلساً انتقالياً ليكون أول الخطوات الأساسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية وليس كما فسره أصحاب القلوب المريضة بالفساد بأنه مجلس انقلابي على شرعية صالح المفقودة، فالنظام يريد والمعارضة تريد والشعب يفعل ما يريد.
*بقايا حبر:
في بقايا حبري هذه المرة أحب أن أوجه سؤالاً لمن أنتقد البيان الصادر عن هيئة العلماء بأنه بيان سياسي لا ديني، أقول له هل اليمن دولة علمانية؟!.
naaemalkhoulidi23@hotmail.com
نعائم شائف عون الخليدي
النظام يريد والمعارضة تريد والشعب يفعل ما يريد 2016