;
صفوان الفائشي
صفوان الفائشي

فيلتمان.. لا أهلاً ولا سهلاً 1930

2011-06-23 03:21:48


تأتي زيارة فيلتمان –مساعد وزيرة الخارجية الأميركية- وذلك للمرة الثانية على التوالي إلى اليمن في ظل ظروف بالغة التعقيد تمر بها ساحة العمل الوطني، حيث بلغت الأزمة السياسية ذروتها المتفجرة حاضراً، فزيارته الأولى كانت قبيل انتهاء فترة عمل السفير الخامس لواشنطن في صنعاء "كرايسكي" وبداية فترة عمل سفيرها السادس "فيرستاين" الحالي لدى صنعاء، وذلك منذ قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 90م.
وقد مهدت تلك الزيارة لزيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والتي جاءت وسط توتور ملحوظ في المشهد السياسي اليمني واتساع هوة الخلاف بين السلطة والمعارضة، لتأتي زيارة فيلتمان الثانية في الظرف الراهن في أجواء غير طبيعية، بل وزاد فيها حجم التصعيد بين الطرفين، لذلك لا يمكن تبرئة السياسة الخارجية الأميركية مما يدور ويجري مع ما تقوم به تلك السياسة وبشكل متعمد من عملية دفع الأوضاع في اليمن إلى ما وصلت إليه من حالة التدني والتدهور وذلك في شتى المجالات، فأميركا شريك للنظام في صناعة الأزمات، خاصة واليمنيون يدركون أن الأحداث الأخيرة قد دفعت بالسفير "جيرالد" إلى واجهة الأحداث التي أظهرته وكأنه عرّاب السياستين الداخلية والخارجية لليمن.
فتارة يحاور المشترك وتارة يلتقي مع السلطة، موسعاً دائرة الإملاءات السياسية إلى درجة بات معها ذلك السفير المسوق السياسي لكثير من المبادرات والحوارات وكأنه في الوعي الزائف صار لدى الكثيرين سواءً كانوا في السلطة والمعارضة يمنياً أكثر من اليمنيين أنفسهم، مع أن الشرعية الدستورية التي يتبجحون بها، تتنافى كلياً مع الوصاية التي يفرضها ذلك السفير، الذي بات المتحدث باسم كل مكونات العمل السياسي دونما مراعاة للسيادة الوطنية أو دستور أو قانون حيال ما يقوم به، مما يظهر حقيقة الثورة الشعبية على أهميتها البالغة من تلك المكونات السياسية مجتمعة غير مدركين –باستثناء الزائر فيلتمان- أن اليمن قيادة وشعباُ يعاني من وطأة الوصاية الأميركية، ناهيك عن التدخلات الإقليمية والدولية بشكل سافر وواضح، وتتجلى أبعاد تلك الوصاية ماضياً وحاضراً من خلال الاتفاقيات المذلة التي وقعتها السلطة مع الأميركيين والأوروبيين على نحو ما يسمونه باتفاقية مكافحة الإرهاب، والتي لم يطلع عليها البرلمان ولم يجر حتى مناقشتها في وسائل الإعلام ونشرها كما ينص على ذلك القانون الدولي العام، في تسجيل تلك الاتفاقيات لدى الأمم المتحدة وإشهارها، لأنها خولت السفير الأميركي بأن يكون بالمماثلة غير المباشرة أشبه بـ" بول بريمر" حاكم بغداد أثناء احتلال العراق، إضافة إلى أن تلك الاتفاقيات تعطي الأميركيين صلاحيات الإشراف على تدريب وتأهيل الجيش اليمني، وقد جاء ذلك بعد أن تأكد للأميركيين ونظرائهم الأوروبيين أن البنك والصندوق الدوليين بالتعاون مع الحكومات المتعاقبة للحزب الحاكم قد استكملا القضاء على الاقتصاد اليمني، وأدخلا البلاد دائرة المجاعة الشاملة، ناهيك عن تراكم الديون الخارجية على اليمن، ومع ما تكفله تلك الاتفاقيات أيضاً من توسيع نطاق السيطرة الأميركية الأوروبية المشتركة على خليج عدن تحديداً وباب المندب، وذلك ضمن مجموعة اتفاقيات سرية هدفها عسكرة المياه الإقليمية اليمنية تحت مبرر مكافحة الإرهاب، بينما الإرهاب الحقيقي الذي يعاني منه اليمن يتمثل في تلك السيطرة المشتركة على خليج عدن لأهداف أمنية واقتصادية بدرجة أساسية، وحرمان اليمن من حقوقها الطبيعية والقانونية في سيادتها الوطنية على منافذها المائية.
فهل مجيء فيلتمان للتأكد من استكمال حلقات الوصاية الأميركية على اليمن، خاصة واليمن تملك أهم منفذ بحري في العالم، لا تنظم حركته الملاحية وفقاً لقوانينها المحلية، وإنما التكتل الدولي الثلاثي المتمثل في "أميركا، بريطانيا، فرنسا"، هو من ينظم ويدير ويشرف على حركة الملاحة في ذلك الممر الهام، الذي يعد المصدر الأول في رفد الاقتصاد الوطني قبل النفط، لكن المشكلة أن اليمن ابتليت بعصابة تجهل حدودها الجغرافية وأهميتها التي يدركها فيلتمان جيداً.
الذي حرص على تكرار زيارته في هذا الظرف الحرج جداً، ربما بهدف إشعال حرب أهلية بين اليمنيين، وذلك بالنظر لتصريحات المسؤولين الأميركيين وكذلك حركة ونشاط السفير الأميركي "جيرالد" وموقفهم من الثورة الشعبية، خاصة وأن السياسة الأميركية قد أوصلت حالة اليمنيين إلى حافة الهاوية من خلال ا لخيوط المتعددة التي نسجتها في أوساط السلطة والمعارضة، ولعل ما يؤكد التلاعب الأميركي وحقيقة العداء الأميركي للشعب اليمني تلك التصريحات المتناقضة منذ انطلاق الثورة الشعبية في اليمن، وكذا صمت سفيرها وارتياحه لما جرى في منطقة الحصبة بصنعاء مع أن مقره لا يبعد سوى أقل من "2" كم عن مسرح تلك الأحداث والمواجهات التي دارت رحاها هناك، وكذلك سكوته عن أحداث زنجبار وما تعرض وتتعرض له ساحات وميادين الاعتصامات طوال الأربعة الأشهر الماضية.
ولذلك فإن مفهوم المساعي الدولية لنقل السلطة في اليمن التي جاء لأجلها فيلتمان، ليست إلا خدعة لتضليل الوعي العام، كون السفير الأميركي هو السلطة الحقيقة، خاصة في الظرف الراهن، وما السياسيون اليمنيون إلا مجرد دمى في متحف عرائس الحركة الدبلوماسية الأميركية، مما يظهر أن الهدف الخفي لزيارة ذلك المسؤول الأميركي ليست إلا مزيداً من تأزيم الوضع والدفع به نحو المواجهة، وليست هذا بجديد على الأميركيين والأوروبيين لأنهما مع تلك الدمى من أوصل البلاد إلى حرب صيف 1994م.
فالأميركيون في طليعة صناع الأزمة الحقيقية التي يعاني منها الشعب اليمني، ولذلك لا نستبعد أن يوصلوا اليمن إلى حالة حرب ثانية، ثم يدعون كما هي عادتهم بعد ذلك إلى التسوية والحوار، لتكريس مزيد من الوصاية لذلك نقول: "لا أهلاً ولا سهلاً بـ"فيلتمان" في اليمن، لأن اليمن حالة مستعصية على التهويد والأمركة والأقلمة، وإن كان العمل السياسي يعيش في الظرف الراهن حالة تبعية عمياء وانقياد طائش نحو الخارج دون أدنى مراعاة لهموم وتطلعات الشعب البائس والجائع.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد