كتبت قبل نحو سبعة أشهر وتحديداً في بداية شهر أكتوبر من العام المنصرم أول مشاركة لي في إحدى الصحف المستقلة وكانت رسالة موجهة للرئيس بعنوان "متى ترحل"، وجهت لي يومها اعتراضات ساخرة من بعض الأشخاص ممن حولي، لأنني تجرأت وطلبت من الرئيس الرحيل على اعتبار أن هذا أمر كان يعد حينها من المستحيلات، بل ومن الإجرام التفكير فيه، كنت على يقين أن الرئيس لا يقرأ الصحف وإذا قرأها، لا يبالي إلا بما يكتب عنه من مديح وإشادة وتبجيل لشخصه ومنجزاته، من يدري ربما لو كان قرأها واستمع لنصيحة مواطنة بسيطة من عامة الشعب، لكان وفر علينا وعلى نفسه كل هذا العذاب.
سأعيد اليوم نفس الرسالة، ولكن هذه المرة ليست للرئيس، إنما لنجله أحمد علي عبدالله صالح وأتمنى أن تصل إليه ويقرأها، لأن من كتبتها مواطنة في نفس الوطن الذي يسكن فيه ولنا نفس الحقوق، كما أن علينا نفس الواجبات تجاه هذا الوطن وشعبه، ولأنني مواطنة يمنية، فمن حقي أن يستمع لي على الأقل.
أستاذ/ أحمد، أخاطب فيك روح الإنسان وقلب المسلم الذي يخاف الله سبحانه وتعالى، إنسى أن الأقدار جعلتك ابناً لرئيس دولة وحاول أن تفكر بعقل إنسان عادي وتعيش بروح مواطن من أفراد الشعب وحاول أن تنظر لليمن بعيون صافية بعيداً عن عقد السياسة وهموم الملك والسلطة، ستدرك حينها أن لا شيء يستحق كل هذا الدمار والخراب والموت وأن الأمر كان أبسط من ذلك بكثير وكان باستطاعة الرئيس أن يتنحى بسهولة عن كرسي الحكم ويخرج من ضيق قصر الرئاسة، ليدخل قلوب الناس من أوسع الأبواب، وبما أن الأمر أصبح بيدك الآن، فإني أدعو الله أن يلهمك طريق الصواب ويهديك سبيل الرشاد لكي تخرج هذا البلد من هذا الوضع المأساوي الذي سيؤول إليه إذا ما استمر الحال على ما هو عليه وتصلح ما أفسد من قبلك ولا ترتكب نفس الخطأ وعليك أن تدرك أن إرادة الله فوق كل شيء والتغيير سنة الله في خلقة، لذا فإن حكمه ماض علينا شئنا أم أبينا وهو القائل سبحانه وتعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، لقد حكمتم طويلاً وأعطاكم هذا البلد وأهله الكثير، أفلا يستحق أن تحافظوا عليه وتردوه إلى أهله مكرماً؟.
أستاذ/ أحمد: لن نطالبك بالرحيل لأنك يمني مثلنا وهذا بلدك وهذه أرضك وهي تتسع لنا جميعاً والله إن أمامك فرصة لأن تصلح ما فسد وتصبح لك صفحة ناصعة في سجل التاريخ والأهم من ذلك في قلوب أبناء وطنك الذين لا يحلمون بأكثر من الحياة الآمنة واللقمة الكريمة.
إنس الماضي وانزل إلى أوساط الناس بروح جديدة وقلب صافٍ، ستجدهم كما وصفهم الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "ألين قلوباً وأرق أفئدة".
أنزل إلى الشارع كواحد من أفراد الشعب وساهم في بناء هذا البلد الذي أنهكته الأزمات ومزقته الخلافات وشوهت ملامحه الثارات، رغم أنه أجمل بلدان الأرض وفيه خير كثير يكفي أن يعيش أهله في عزة وكرامة بعيداً عن ذل الغربة وقهر الحاجة، يكفينا ما مضى، علينا أن نكبر على الضغائن والصغائر ونطهر القلوب والنفوس وندفن الماضي بكل مساوئه ومآسيه ولا نعطي للغريب فرصة ليتحكم فينا ويحركنا كيف يشاء، فلا أحد يمكن أن يحب بلدنا أكثر منا، ففي النهاية الكل يبحث عن مصلحة بلده هو، فلما لا نبحث نحن عن مصلحة بلدنا وخيراته ونجتمع فيه بحب وتراحم.
أرجو من الله العلي القدير أن يؤلف بين القلوب ويوحد الصفوف ويحفظ بلادنا من كل مكروه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
جواهر الظاهري
إلى نجل الرئيس ... 2116