لا جديد في الخطابات الممزوجة بروائح البارود، المشبعة بمفردات العنف ولغة التهديد والكذب والخداع والإفك.. مجموع هذا التخبط وهذه الهستيريا الخطابية الإعلامية، تحمل داخلها دليل فنائها وحصاد فشل مريع، تجزم مراكز استطلاع الرأي، ووحدة تماسك صفوف الشعب بكل فئاته وانتماءاته ومشاربه السياسية والفكرية والحزبية.
وأحاديث شباب الثورة ووضوح رؤاهم وأفكارهم ونضج وعيهم ولغتهم الواثقة وتنظيمهم وقوة إرادتهم وإصرارهم على مواصلة مسيرة نضالهم الثوري وبلوغ أهدافهم.
جميعها تؤكد أن الحاكم إلى زوال، وأن شيئاً جديداً قد تخلق، ينضج ملامح زمنه ومستقبله القادم من تحت أنقاض الحزب الشعبي النهبوي العام.
لا قلق من لغة التهديد والنار، فإطلالة واحدة على العناوين أعلاه، تكفي لإسقاط كل مزاعم وتخرصات رغبات وتمنيات حكم، لن تحاول آلته الحربية وقبضته على مفاصل الحكم وأجهزة القمع، دون تسريع السير في اتجاهين مختلفين: اتجاه الشعب نحو بناء دولته المدنية، دولة النظام والقانون والمواطنة الواحدة والحقوق المتساوية، واتجاه الحكم –النظام- ورحيله صوب رصيف التاريخ وهامش الذاكرة.
وأياً كانت التهديد والتسويف وألاعيب من تبقى من رموز النظام بعد رحيل الرمز الأول للنظام، فثورة الشعب السلمية منتصـرة، قناعة وخياراً ولا قلق.
•   نظام أزمات
واحدة من سمات الأنظمة الاستبدادية، تضخم مشاعر القوة لديها والمكابرة حتى وأن كانت مفاصلها رخوة هشة، وشرعيتها منقوصة، باهتة الحضور قاتمة الخطوط والسياسات.
هكذا هو النظام في اليمن مضى بالبلاد من أزمة سياسية إلى مغامرة عسكرية طائشة، إلى كارثة اقتصادية، إلى أزمة محكمة الإغلاق دون أن يجد غضاضة في الحديث وهو في ذروة ضعفه، وهو يحتضر عن القوة والالتفاف الشعبي حول نهجه التدميري، والحديث المرسل عن المنجزات العظيمة التي اجترحها إنماءً واقتصاداً وسياسة، وهو في حضيض خانة الدول الفاشلة.
•   جحيم السلطة
ما يؤلم حقاً أن إعلام السلطة هو صانع الزعماء المخابيـــل في دول التخلف، فالسلطة "مطلق سلطة" تصنع أكاذيبها وتوظف أصنامها، تهندس رؤساءها، ثم تعيد توجيههم كخوارق وسلة انجازات باتجاه داخل يعيش في الجحيم ولا يحتاج لمن يوهمه عكس ذلك.
في الوطن اليمني جهل وأمية، فقر وفساد، بطالة ومجاعة، وحكم مزمن معمر، في اليمن أوبئة انقرضت من العالم وما زالت هي سيدة الحياة في اليمن، من الجذام إلى السل والملاريا.
في اليمن اقتصاد شائخ مستنزف واستثمار مطار ورأسمال منكوب بالنهب والإتاوات والتهريب، وهيمنة بيت السلطة على مفاصله.
في اليمن سلطة لا تسمع إلا نفسها ولا تحاور إلا ذاتها، فالحوار منقطع والإصغاء للآخر منعدم والشأن العام يجري على خط واحد: من بيت الحكم إلى ذات البيت، وليذهب الجميع من قبل وبعد إلى الجيم، جحيم الفقر والقتل والتخوين.. جحيم السلطة.
alhaimdi@gmail.com