باعتقادي أن الدعوة لتشكيل مجلس انتقالي غير مبررة ولا مطلوبة، ذلك لأننا نستطيع تحقيق التغيير المطلوب بدون تشكيل هذا المجلس وبأقل الخسائر والتكاليف، المطلوب اليوم كما قال الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني هو الحوار مع القائم بأعمال رئيس الجمهورية/ عبدربه منصـور هادي والعمل على تشكيل حكومة وفاق وطني تقوم بإدارة البلاد وإحداث انتقال للسلطة وقبل ذلك تهدئة الأوضاع وإزالة أسباب وعوامل التوتر الأمني والعسكري ومعالجة الجانب الاقتصادي ووقف عملية التدهور والاختلالات ووضع حلول عاجلة للأوضاع المعيشية وتوفير الكهرباء والمشتقات النفطية.
هذه المهام وغيرها بما فيها انتقال السلطة وقيام انتخابات حرة ونزيهة إذا قام بها عبدربه منصور هـادي بالتعاون والاشتراك مع العقلاء والحكماء في المؤتمر والمشترك فبها ونعمت، وإذا قامت بعض الأطراف الأخرى بإفشال هذه العملية ووضع العوائق أمامها، عند ذلك يكون لكل حادثٍ حديث ولكل مقام مقال.
أما اليوم، فمازالت الخيارات السلمية قائمة والحلول السياسية مطروحة وخاصة مع وجود مساعٍ داخلية وخارجية تدفع في هذا المسار وتعمل على تجاوز الحلول العسكرية والمعالجات المكلفة والوسائل الغير مأمونة ولا مضمونة.
وهذه المساعي السياسية والوسائل السلمية والمعالجات الحوارية لا تتعارض مع الروح الحماسية والتطلعات الثورية إذا حققت الأهداف المرجوة، بل إنها تتكامل معها وتسير في نسق واحد ومتوازٍ، فلا يلزم من الحوار والتفاوض رفع الاعتصامات ووقف الفعاليات، بل إنها ستستمر حتى تحقيق الأهداف والوصول إلى بر الأمان، ومرحلة الاطمئنان.
والمطلوب الأهم والشيء المهم هو العمل على التهدئة إعلامياً وأمنياً وإتاحة فرصة كافية وتوفير ظروف مناسبة للحوار والتفاوض والمساعي السياسية والخطوات الإجرائية وفي الوقت ذاته تغليب صوت العقل والمنطق والحكمة على صوت العاطفة والأفكار الخيالية والتصورات الغير واقعية، وترك التصلب في الآراء والمواقف والتشنج في الخطاب، والتعامل مع ما يحدث في اليمن وفق معطيات الواقع وعوامل بروز الأزمة ومعطيات الثورة منذ اندلاع الاحتجاجات والاعتصامات، بعيداً عن التقليد والمحاكاة والنرجسية والتأمل في المشهد الراهن والحالة القائمة كما هي ومن جوانبها المختلفة وبصدق مع الذات وعدل وإنصاف مع الآخر.
فكما أن اليمن ليست ملكاً لعلي عبدالله صالح –شفاه الله- يورثها لأبنائه وتتقاسمها أسرته، كذلك هي ليست مزرعة للمشترك وشركاءه، وليست –أي اليمن- حديقة للمعتصمين والثائرين يفعلون بها ما يشاؤون، اليمن لليمنيين كل اليمنيين وأمنها واستقرارها ووحدتها ومستقبلها لا يهم اليمنيين فحسب، وإنما يهم الأشقاء و الأصدقاء ، وخاصة دول الجوار والدول التي تربطها علاقات مع اليمن ومصالح مشتركة.
لماذا الإصرار على أن يكون انتقال السلطة بعيداً عن الدستور اليمني؟ ولماذا نريد أن نهدم كل شيء بني؟ وقبل ذلك وبعده أكرر التساؤل الذي طرحه الزميل/ محمد العلائي في صحيفة "الشارع": من أين جاءت فكـرة المجلس الوطني الانتقالي؟ إنها محاكاة وتقليد لما حصل في ليبيا، وإذا كان ولابد من المحاكاة -والكلام للزميل العلائي- فالانتقال الدستوري حدث في تونس ولم يقلل ذلك من شأن الثورة، كما حدث في بلدان أخــرى شهدت تحولات ديمقراطيــة عن طريق الانتقال الدستوري.. باختصار يجب أن نعثر على مفاتيح الانتقال الملائم والمبصر.
عبد الفتاح البتول
لماذا المجلس الانتقالي؟! 2172