كانتشار النار في الهشيم. اتسعت دوائر الفساد على المستويين الرأسي والأفقي لتطال النظام والمجتمع.. وأعطى لفيروساته السرطانية تصريحاً بحرية الحركة والعمل العلني المدمر، حتى كاد أن يتحول هذا الداء إلى كائن غير مرئي وشبح يخاف منهـ يعرفه ويتعايش مع إفرازاته الجميع كقضاء لا راد له وطوفان لا عاصم منه.
ولعل انتقال الفساد من وضع الفعل الشاذ النادر والسلوك المفرد المشين إلى وضع مختلف "مؤسسي" منظم له هياكله وهيئاته القيادية، مافياته ورموزه المتنفيذة، هو الذي منح وأضفى على الفساد صفة المشروعة والاستمرارية في ظل حماية رسمية وحصانة قانونية، جعلت رموزه بمنأى عن المحاسبة والمساءلة ونتائجه أعصى عن الاقتلاع.
هذه "المؤسسة" الحاضنة للفساد باذرعها الضاربة.. وهذا التمدد في مناشطها، وهذه القدرة الاستثنائية على اختراق أخطر مفاصل السياسة والاقتصاد، تطرح نفسها على شكل أسئلة تبحث في منابع وبؤر الفساد فقاساته.. الأدوات المنفذة، العقول العملياتية المخططة، ومظلات الحماية.
ومع أن الفساد تشتم روائحه في كل مكان، وينثر عبواته الناسفة أينما حل.. يسطو على ثروات الشعب وطحين الفقراء ومستقبل الأطفال، يردم منابع التفاؤل، ينهب الحاضر ويصادر كل مطلق السراح، بعيداً عن قفص الاتهام وفعل القانون وكأنه خيط دخان لا يطارد وهلام لا يمس!!.
مرة أخرى نتساءل: هل الفساد كائن شبحي غير مرئي؟ هل هو وهم خافته المعارضة للنيل من النظام؟ أم أنه صناعة رسمية؟ ومولود شرعي يحمل كل جينات السياسات الفاسدة والمشوهة للنظام؟!.
ومن على هذا المنبر الحر "أخبار اليوم" أقول: إن من أولويات ومهام ثورة التغيير هو محاربة الفساد والقضاء عليه زعامات وسياسات وبرامج، لأنه لا تغيير في ظل الفساد، داعياً كل الجهات المختصة وتحديداً الرأي العام للخروج من حالة السبات الشتوي الطويل وكسر حاجز الخوف واللامبالاة وقول.. لا للفساد.
ALhaimdi@gmail.com
محمد الحيمدي
لا للفساد....... 2262