يا خسارة الزبيري والهندوانة، والأبرش وأبوصلاح - من شهداء صعدة- يا خسارة كل شهداء ثورة 26 سبتمبر، وكل شهداء حرب 94م، وحروب صعدة، وكهذا شهداء "الواجب"، يا خسارتكم يا كل من سبق.. أتدرون لماذا؟ لستم شهداء، لأنكم تصديتم لمسلمين موحدين، ووفق التعريف الجديد الذي ابتدعه هذه الأيام علي صالح وإعلامه، والذي جعل الشهادة محصورة لمن يتصدى للكفار ويقاتلهم فقط، فلستم في قاموسه من الشهداء، فيا خسارتكم إن كان صادقاً.
معذرة يا كل الشهداء، كما نبشركم أن هذا التعريف هو في صدور وألسنة الفاسدين والمتملقين فقط، وهو ممجوج ومرفوض عند السواد الأعظم من اليمانيين، الذين يكنون لكم كل حب ويفاخرون بجهدكم وجهادكم، ويقتفون أثركم.
نبشركم يا كل الشهداء أن لكم أتباع يفهمون شمول معنى الجهاد في سبيل الله، ويؤمنون أن المجاهد هو الذي يسعى جاهداً لتقوم الحياة وفق شرع الله وشريعته في كل مجالات الحياة وشعبها، الدينية والدنيوية، الاقتصادية والسياسية، كما يؤمنون أن كل أمرٍ أمرَ الله به، فالعمل به وبذل الجهد في تحقيقه جهاد في سبيل الله، فقتال الكافر المحارب، والقتال من أجل سيادة الحق والقانون بين المسلمين، كلاهما جهاد في سبيل الله لقوله تعالى: "فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله" الحجرات{9}.
ونعدكم يا كل الشهداء الذين بدمائهم حاربوا الملكية والاستبداد، وتطلعوا إلى قانون سائد، ومواطنة متساوية وحقوق مرعية ودولة مدنية قوية، نعدكم أننا لاستكمال أهدافكم نسعى وفي سبليها نجاهد، ونبشرك يا أبو الأحرار أننا قاب قوسين أو أدنى من تشييع جثمان "الحكم بالغصب" الذي قلت فيه:
والحكم بالغصبِ رجعي نُقاومه * حتى ولو لبس الحكام ما لبسوا
* ولي أمر المسلمين من وجوب الطاعة إلى وجوب المقاومة:
العلاقة التي تربط المسلم بولي الأمر هي علاقة تقوم على قاعدة التعاون على المهام الشرعية والحياتية، فإذا وجد المسلم أن ولي الأمر يبذل جهده في غرس وتنمية الفضيلة وممارستها من العدل والمساواة، والتضييق على المنكرات ويجتهد في توفير الخدمات الحياتية وتحسينها من تعليم وصحة وزراعة وصناعة، فيجب على المسلم حينئذ طاعة ولي الأمر ومناصحته ومؤازرته، لقوله سبحانه وتعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى"، وإن لم يجد المواطن من ولي الأمر ذلك أو على ظن المواطن أن غير هذا الرئيس أقدر وأنجح على توفير تلك المهام، فللمواطن الحق في البحث عن الأفضل، ولا يجوز وضع العراقيل أمامه، وإن وضعت، فللمواطن الحق في إزالتها، إذ لا يجوز القبول أن يتعرض الشعب لأي خسارة دينية أو دنيوية قد تلحق الشعب ومن الممكن تجنبها بخروج هذا من السلطة ووصول ذاك.
وأما إذا وجد المسلم من ولي الأمر "كفراً بواحاً" وهي المعاصي والمنكرات القاطعة، كما قال النووي، فعندئذ يجب مقاومة ولي الأمر هذا وخلعه، لأن الغاية التي لأجلها وليَّ هي إمضاء الشريعة ورعاية الحقوق بسيادة القانون على الحاكم والمحكوم، فإذا لم تتحقق هذه الغاية أو اصابها تفريط مُجحف –كما في عهد علي عبدالله صالح- فذاك منكر يجب إزالته لقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيـره بيده"، ولم يفرق الرسول بين فاعل وفاعـل وحاشاه أن يفرق وهو القائل مؤكداً وجوب سيادة القانون على الجميع فقال: "لعن الله اليهود كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإن سرق الشريف تركوه" وقوله: " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"/ كذلك يا مسلمين لو أن حاكماً شرب الخمر أو زنى، أو أكل مالاً ليس له، أو اعتدى على آخرين، أو منعهم حقاً كالشورى "الانتخابات الصادقة"، ففي هذه الحالة يجب على الأمة إقامة الحد عليه، أو انتزاع الحق منه، لوجوب سيادة القانون على الجميع أو اللعنة.
تُعرف الدول الفاشلة بعلامات أهمها:
عدم الفصل بين السلطات، عدم سيادة القانون، وتفشي الوساطة والرشوة، ضعف العملة وانهيارها، كثرة البطالة، انتشار الفقر وتزايد الفقراء، ثراء المسؤولين الفاحش مع غياب المساءلة، وهذه المؤشرات موجودة في دولة الرئيس علي صالح.
وهو فئة باغية لانطباق التعريف عليه الذي ينص –كما نص المعجم الوسيط ج1-ص137: أن "البغي" هو الظلم والخروج على القانون والكبر والاستطالة ومجاوزة الحد، وأن "الباغي" هو الظالم المستعلي والخارج عن القانون.
وخروج علي صالح على القانون وظلمه لا يحتاج إلى دليل بعد موافقته وتوقيع قيادات المؤتمر على المبادرة الخليجية ثم يرفضها ويحاصر الوساطة ويظهر اليمنيين بمظهر غوغائي سمج، ومن جانب آخر موافقته على المبادرة الخليجية التي تتضمن العفو عنه وعدم ملاحقته قضائياً، اعتراف منه أنه خرج على القانون ومارس ممارسات غير قانونية، إذ لا يحتاج لمثل هذا إلا من خرج على القانون وأساء إلى الآخرين، ويا أسفاه أن يحتاج علي ومبارك و.... إلى هذا الإجراء ولا يحتاج إلى ذلك كيلنتون وجورج بوش، يا أتباع محمد ألا تستحوا؟.
وأما كبره وأنانيته واستطالته، فقبوله بثقافة "ما لنا إلا علي"، وعدم إشارته إلى يمني كفؤ –وما أكثرهم- يحل محله، فمن أكبر الأدلة على ذلك، كما أن طلبه لقيادة المعارضة –بعد أن وقعوا- الحضور إلى دار الرئاسة في يوم وصفه أحد رجال المرور بأنه "يوم البلطجة والبلاطجة"، فعنتريته ليس لها في التاريخ مثيل.
قال بن عجيبة في تفسيره البحر المديد ج6 –ص108: "من ظهر ظلمه وجبَ كفه"، وقال الشوكاني: فعلى المسلمين أن يأخذوا على يد الطائفة الظالمة حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها "فتح القديرج ج7 –ص25" وقال بن عاشور: الأمر في قوله تعالى: "فقاتلوا التي تبغي" للوجوب لأن هذا حكماً بين الخصمين والقضاء بالحق واجب لحفظ حق المحق، ولأن ترك قتال الفئة الباغية يجرئ إلى استرسالها في البغي وإضاعة حقوق المبغي عليهم، ويجرئ غيرها أن تأتي مثل صنيعتها "التحرير والتنوير 14-18"، وهذه ثورتنا، فاحمد ربك يا كل ثائر، والتحق بنا يا كل مواطن.
* يا أصحاب النوايا الحسنة: البراءة من الفاسدين متى؟
ليكن لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في البراءة من المذنبين الذين يرمون الآخرين بما لم يفعلوا، هذا مسلم سرق ثم رمى بجرمه يهودياً بريئاً وتواطأ معه بعض أبناء عمومته، وذهبوا إلى رسول الله بكذبهم، وكاد الرسول أن يدافع عنهم، فانزل الحق تبارك وتعالى على نبيه :"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً" النساء{107}.
قال بن عجيبة: يستفاد من الآية امتناع الجدال عمن علمت خيانته، أو كان مظنة الخيانة، وقال بن العربي في أحكام القرآن أن النيابة عن المبطل في الخصومة لا تجوز بدليل الآية "1/482".
وقال عالم اليمن وقاضيها الشوكاني قوله تعالى: "ولا تكن للخائنين خصيماً" أي مخاصماً عنهم وفيه دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم على أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق فتح ج2 –ص209، وقال في كتابه "رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين": يجب على المتصل بهم أن يسعى بما تبلغ إليه طاقته في دفع الظلم ولا يعين الحاكم على ظلمه ولا يسعى في تقرير ما هو عليه أو تحسينه، أو يراد الشُبه في تجويزه، فإن أدخل نفسه في شيء من هذه الأمور فهو في عداد الظلمة.
د. علي أبوصلاح
ثورتنا جهاد وقتلانا شهداء.. رغم أنف المرجفين 1927