منذ الصغر ونحن نعتقد أن أصحاب العمائم، خاصة رجال الدين، هم أهل الاحترام والثقة والنبل والأخلاق الكريمة، فكنا نراهم هنا وهناك ونشعر برهبة وإجلال.. ومازلتُ أتذكر أمي الحبيبة حينما تبعثني لإمام الجامع في ذلك الحين –رحمه الله– لأعطيه الكعك الذي كان يحبه، فأسعد لذلك، خاصة وأنه كان يمسح على شعري ويدعو لي وكانت تدفعني لأن اسمع كلامها حينما تختم طلبها بجملة (عشان الشيخ/ ناصر يحبك ويدعيلك)، فتولد لدي انطباع جميل عن الشيوخ إلى أن جاء الزمن الذي تيقنت فيه أن (ليس كل ما يلمع ذهباً)، فوجدت أغلبية أصحاب العمائم في زمننا ممن يلقبون أنفسهم بالشيوخ، ليسو إلا كبالونات معبأة هواء تنفجر في أي لحظة وتتلاشى، فوجدتُ الشيخ الأول: يخطب بالجامع للناس (ليس المؤمن بالسباب ولا باللعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء)، ووجدته يوماً وهو يصب ألفاظ مسمومة على ابنه بالشارع وأمام المارة، فهل يفعلون ما يقولون؟.
الشيخ الثاني: لا تفارق المسبحة يده ويصلي ويصوم نوافل، ولكن حينما تكتشف أن منزله وكر شعوذة ينصب فيها على الرجال والنساء بحجة أنه معالج مس وسحر، فهذا هو المريب فعلاًً، لا شك بأن الجميع سيقول: ربما كان معالج قرآن.. وسأقول: إن هناك من زبائنه من تحدث عن أنه إحدى ضحاياه وأن القانون لا يحمي المغفلين، فلقد كان ضحية قلة الوعي.
الشيخ الثالث: هو احدث ما عرفت عن المشيخة، فهو يمارس الدجل بعيداً عن الأنظار، ولكن ليس لمعالجة الناس كما كان الثاني، ولكن لأذية الناس، خاصة المقربين منه، فيسحر ذلك ليتزوج ابنته المريضة ويسحر الأخرى، لتكره والدتها والذي يحسدها دون كره، ويسحر آخر لأنه ذو مال وبنين وما خفي كان أعظم.
فهل هذه المشيخة الحديثة التي لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، بل تهدم بيوت الآخرين وتعمي أنظارهم؟، أم أنها طريقة جديدة إلتبست فيها الأمور، فلم نعد نفرق بين التداوي بالقرآن والشعوذة وبين الشيخ رجل الدين والشيخ المشعوذ؟
لنتيقن أن الإسلام دين عدل وضياء ولم يترك شيئاً إلا وأوضحه وعالجه، فلماذا إذاً اللبس؟، وهل من الدين أن نستخدم ورقة الدين لبث الفتن والخراب.. وهل من الدين أن تظهر امرأة على الشاشة كاسية عارية، لتضرب بالمنديل وتعالج الناس بشخبطة على ورق وحسابات وتقول علاج بالرقية الشرعية؟!
الذي لم أتوقع وصول المشيخة له أن أجد أحد المشائخ يهدد إحدى النسوة إن لم تحقق طلبه بالزواج منه، فسيرسل لها بجني!، ماذا عسانا أن نسمي هذه؟
للأسف بات الدين لرجال الدين سوى عذر وذريعة للنصب وتحطيم حياة الآخرين وتعتيم الرؤية الخارجية والداخلية عن الدين، فبتنا إما متشددون أو منفلتون.
فماذا عسى أن تختبئ خلف عمامة المشيخة أكثر مما ذكرناه؟!، إنها لفاجعة في مشائخنا إن كان اغلبهم كهؤلاء ولنقرأ على هويتنا الإسلامية السلام.
أحلام المقالح
خلف عمامة المشيخة 1918