جلسنا نتحدث ونتحاور أنا وبعض الزملاء والزميلات عن أوضاع اليمن والحال التي آلت إليه، وفي مثل هذه الحوارات تكثر الآراء وفي مرات سابقة كانت الآراء كلها لا تتفق أبداً، إذ تتضارب الآراء حول أي حدث.
واليوم على غير العادة، فقد رأيت أن الكل كان يتفق في الآراء، فالاتفاق الأول كان حول رحيل الرئيس من السلطة نهائياً وكذلك كافة أفراد النظام، حيث قال أحد الزملاء: حتى وإن تعافى الرئيس مثلاً وعاد، فهو بكل الأحوال سيترك السلطة من خلال التوقيع على المبادرة الخليجية التي انتهت أصلاً، ولكن في اعتقادي أن الكل سيصر على المبادرة الخليجية، لأنها تسمح للرئيس بالتلاعب بالزمن كيفما يشاء.
وقاطعه أحدهم: ولكن هذه المرة سيتم الضغط عليه من أجل التوقيع، لأن الاتفاق أن تحل الأزمة اليمنية إقليمياً، عموماً الآن الرئيس قد غادر البلاد ولن يعود إن شاء الله، وبعد أن رحل اكتشفنا أن الوضع لازال كما هو، لأن النظام أساساً بيد العائلة كلها، فلذلك لن يتغير شيء، فتدخلت إحدى الزميلات قائلة: الآن المفروض أن نرفع شعارات بإسقاط النظام ونشطب إرحل، فالرحيل قد تحقق، ولكن النظام لم يسقط بعد، لذا لابد من التحرك والمناداة بإسقاط النظام، وفي نفس الوقت تشكيل مجلس انتقالي أو حكومة انتقالية.
وهنا أنا تدخلت وسألت إذاً رئيس الحكومة غير موجود ورئيسي مجلسي النواب والشورى، والرئيس أيضاً، إذاً من يدير البلاد؟! لا تقولوا لي النائب/ عبدربه منصور!.
أجابني أحد الزملاء: صحيح أن البلاد مهيأة تماماً لتشكيل حكومة انتقالية الآن، وإجراء انتخابات لمجلس النواب الذي انتهت شرعية نوابه، والحكومة مُقالة أيضاً وهي حكومة تصريف أعمال ورئيسها غير موجود، لذلك على الكل التحرك في هذه المرحلة بالذات والعمل على ذلك.
أما عبدربه منصور فهو لا يريد أن يقدم المساعدة ويمد يد العون لأحد، ومن يقول إنه يسير أمور البلاد في المرحلة الراهنة، فهو مخطئ، فمن يدير البلاد هم أفراد العائلة التي تقع بين أيديهم كافة الأجهزة العسكرية، هذا هو الواقع الراهن في اليمن.
هكذا انتهى الحوار ولأول مرة أشعر بأن الكل متفق، أما أنا فبقي لديّ سؤال مهم يصول ويجول في رأسي وهو: لماذا أو "اشمعنى" هذه الأيام بالذات ظهر هذا الصراع في أبين؟، فعندما سألت جاراً لنا وهو من سكان محافظة أبين، وهو رجل كبير السن وقد عاش معظم حياته في لودر تحديداً، سألته عن محافظة أبين وعن القاعدة فيها.
فأجابني على الفور قائلاً: شوفي يا بنتي، أبين من زمان مدينة مسالمة هادئة وفي عهد علي ناصر محمد كانت مدينة ترفيهية، حيث قام علي ناصر ببناء حديقة الشهداء وهي مدينة ترفيهية وكان الناس يأتون إلينا من كل المحافظة الجنوبية لغرض الترويح على أنفسهم وكان طلاب المدارس والجامعات يأتون إلى هذه المحافظة في رحلاتهم، حتى في عهد علي سالم البيض وما كان في لا قاعدة ولا هم يحزنون، وبعدين فجأة ومن حيث لا نعلم بدأنا نسمع ونشاهد أفراداً مسلحون ينشرون الفوضى هنا وهناك قالوا: إنهم من تنظيم القاعدة، هذا طبعاً بعد الوحدة في عهد علي عبدالله صالح.. كيف حدث هذا؟ ومتى تأسست القاعدة في أبين لا تعلم؟
إذا كان هناك قاعدة لابد وأن يكون لها أساس في المحافظة، ولكن صدقيني القاعدة زرعت في هذه المحافظة على يد النظام، لأننا لم نعرف الراحة والهناء في هذه المحافظة من بعد الوحدة والمشكلة أن نائب الرئيس من أبين من عندنا واقف يتفرج علينا، ما عمل أي حاجة لنا!.
عزيزي القارئ: إن محافظة أبين جزء لا يتجزأ من المحافظات اليمنية، فلماذا لا تتكاثف الجهود وتتوحد وتتشابك الأيادي من أجل نصرتها وتطهيرها من العناصر المسلحة التي لا تهدف إلا لزعزعة الأمن والاستقرار؟، ولتثبت السلطة للعالم بأنها الوحيدة القادرة على السيطرة على الوضع، فلا وجود للقاعدة إلا في رأس السلطة من أجل خدمة مصالحها ومن أجل إبقائها على الكرسي لأطول فترة ممكنـة.