لم يهن علينا مصاب حادثك رغم جسام أحداث أرهصته.. لا تسيء الظن بنا لأننا أكثر من غيرنا فجيعة بما تعرضت له فجعنا وأعربنا عن بالغ أسفنا وأدنا ذلك الفعل الشنيع ليس لأنك كرئيس تعرضت له بل لتنافي قيمنا وأخلاقنا وديننا مع ذات الفعل سواء لك أو لغيرك.
أستنكرناه لأننا الأرق قلوباً والألين أفئدة ـ ولم نقف عند الأدانة، بل طالبنا ونتمنى عليك وعلى أجهزتك الأمنية، ونائبك العام سرعة الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة أياً كانوا وأن لا تدعوا هذا الحادث يمر مرور مثيل من الأحداث المماثلة لأسلافك من الرؤساء.. نعني أحداث الاغتيالات الدرامية الغامضة والتي لصقت بأذهاننا منذ الصغر وبقينا نحن وحدنا أسرى لغموضها حتى ونحن نشارف على الشيخوخة.. فلله ثم للتاريخ ثم لأجل هذا الشعب الذي مني بكثير من الفجائع طيلة حكمك أنبأنا بحقيقة ما جرى وسنعترف لك أن تحقيق هذا المطلب أعظم من إنجاز الوحدة اليمنية التي تدعي تحقيقها الحصري.
لم نحتفل بالأمس.. وليس لأن الفضائية اليمنية التي ما عهدنا منها صدقاً حتى مصادفة هي من تفردت بنشر ونقل الخبر ولكن لأننا لم نهتد بعد إلى حقيقة ما جرى في جامع النهدين لذلك توهتنا في تضارب الأخبار وتصريحات ناطق الحزب الذين يهرفون بمالاً يعرفون، فالجندي يجر الحبل على الغارب وكأنه سيصاب بالجنان إذا لم يكذب واليماني ياسر حيث لا أحد يسير يسير، وطارق الشامي يخبط خبط العشواء والمصدر المسؤول في الداخلية ـ والذي تعتمد عليه فضائيات اليمن ـ يورد أنباءً تثبت للعالم كله أنه غير مسؤول عما يقول ولذلك نحتفل.
نعم لم نحتفل لأننا لم نقدم لتعز العزاء المفروض إنسانياً على الأقل في محرقتها التي أنكرت بشاعتها السماء والأرض والجمادات، ولأننا أيضاً لم نستطع إيقاف نزيفها الهادر والحد بينها وآليات العسكر التي تهد المنازل بدون هوادة على رؤوس البشر.
لم نحتفل لأننا لم نتبين من أبين غير أنها كانت مدينة ثم صارت هكذا خراباً وخواء سكانها يتوسلون ما يبقي لهم أقل قدر من الحياة.. لم نتبين ما جرى ولم نتقدم بأقل قدر من العرفان لمحافظتي لحج وعدن على إيواء إخواننا النازحين في أبين.
لم نحتفل لأن قتلى الحصبة لم يحصوا بعد ونازحوا صنعاء الذين يمرون بنا كل ساعة لا يتركون مكاناً للابتسامة.
لم نحتفل لأننا لا نملك الأسلحة والذخائر بل ونرى أن للمدافع والمدرعات أماكن غير فضاء المدن الآهلة بالنساء والأطفال والمواطنين.. نعد إطلاق تلك الذخائر بتلك الأسلحة في هذه الأماكن عبثاً غير جائز واستلاباً للفرح وسلوكاً نتائجه في الغالب كارثية تعكس الأمور، فإذا الاحتفال والفرح مأتم ومأساة.
لم نحتفل لأننا لا نملك سوى ما نسد به حاجة جوع نظامك ومأساة مخرجها وفوضى نظامك بطلها الوحيد.
لم نحتفل لأننا لم نعد بعد من غزواتنا الكثيرة في البحث عن اسطوانة غاز أو قطعة شمع تقرباً للفور.
لم نحتفل لأن الحرس الجمهوري صادر منا كل لحظات الأنس والمسرة والأمن المركزي أمعن وبتركز على اختطاف أمننا وسكينتنا.. ولأنك خرجت من اليمن خروجاً لا ترتضيه أنت ولا نحن لم نحتفل! فهل تبقى لنا ما نحتفل به، لنحتفل بك، نرجو ذلك ونسأل الله لك ولكل جريح في هذا الوطن الشفاء ولثورتنا النجاح.
عبدالمعين المضرحي
عفواً أيها الرئيس ... لم نحتفل 1883