أيها الثوار وأيتها الثائرات أيها الأحرار أيتها الحرائر يا قامتنا الكبيرة، يا صناع التاريخ، ويا بناة اليمن العظيم، إن المستقبل يضحك إليكم، ويبتسم لكم، ويهش لمرآكم، ويهش في وجوهكم، وتلمع عيناه بالإعجاب بكم، ويرنو ببصره نحوكم، ويفتح ذراعيه لاحتضانكم بفخر واعتزاز، ويحثكم على فعل ما يليق باليمن، وما يتساوق مع قامة الثوار وقيم الثورة، وكل هذا يدعونا إلى بعث مجموعة رسائل بهذا الخصوص:
لن نعيش في الأمس ولن نقبله بيننا:
إن السعيد من اتعظ بغيره، ولم يكرر ما وقع فيه غيره من أخطاء، فانظروا ما كان عليه صالح ونظامه فلا تقعوا فيه، ومن أهم ذلك: كان النظام يستخدمنا ضد بعض، فلنجعل مكان ذلك التلاحم الأخوي، وعلى كل حزب وقبيلة وفئة أن تطهر نفسها من دعاة التمترس ضد بعضنا بعضا، إن هذه هي العصا الغليظة التي ضربنا النظام بها، وعلينا أن ننبذ قانون الفرقة فرق تسد، ونرسي مكانه وحد تسد وسبيل ذلك التقبل ببعضنا بعضا، والاعتراف بحق الخطأ، وضمانة حرية الرأي.
كان نظام صالح يعالج الأزمة بالأزمة، فالمعالجات بالأزمة أوصل بلادنا إلى تحطيم بعضنا بعضا، فلنحذر من ذلك بل نتجه إلى التخطيط لحل مشكلاتنا، والاستعانة بالله تعالى ثم بالعلم والعمل.
كان نظام صالح يسعى إلى شخصنة الدولة حتى أصبحت الدولة هي علي صالح وعلي صالح هو الدولة، فلا تقعوا في ذلك لا تقبلوا أن تشخصن اليمن وهيئاتها المتمثلة في الأحزاب والهيئات والمنظمات الاجتماعية والحقوقية، إنه لكي نبني دولة حديثة يجب التخلص من الاستبداد ولكي نتخلص من الاستبداد، فلنتخلص تماما من شخصنة الهيئات والأحزاب، لا تسمحوا للشخصنة بحال من الأحوال. ولكن وسعوا مساحة الشورى، وافرضوا التزام الشفافية التامة في كل المؤسسات.
كان النظام لا يحترم القانون ويقوم على اختراقه، فاحترموا القانون، واجعلوا احترام القانون مسألة شرف يشبه شرف العرض في عقليتنا العربية.
تركيز القوة نحو تحقيق الأهداف:
أيها الثوار الأحرار بدأ زمن اليمن زمن المجد زمن العطاء لهذا الشعب العظيم، فانظروا ماذا تحتاجه اليمن فصبوا جهودكم فيه: إن اليمن تحتاج للحفاظ على وحدتها وتأكيد لحمتها، وتحتاج لتوسع الجهود التنموية وتوسيع رقعتها، وسأضرب لكم مثلا بألمانيا حين خرجت منهزمة من الحرب العالمية الثانية، تحرك الشعب الألماني لبناء ألمانيا ـ وبناها بالفعل ـ وقاموا بإضافة ساعة إلى الدوام الرسمي ساعة من أجل ألمانيا، وهذا والدوام الرسمي عندهم عمل حقيقي وليس ضحك على الدقون، فإذا كنا نحب بلادنا بصدق فلتتجه الخطوات نحو بناء اليمن بكل قوة وقدرة ممكنة. وتحتاج اليمن كذلك إلى بناء المواطنة المتساوية وإلغاء التمييز، لا تقبلوا مقولة هذا ابن فلان أو أخ فلان أو من الحزب الفلاني، وإنما التزموا بالمعايير والمقاييس والمواصفات التي يحددها القانون، فسيروا عليها هذا ما يبني اليمن، أما التمييز بين المواطنين فهو الهلاك بعينه.
أيها الأحرار أيتها الحرائر: انظروا ما يعيقكم فاجتنبوه، ومن أهمه الصراع مع الماضي، أو الالتفات إلى الوراء، وصالح وزمانه من الأمس، قولوها بصوت مسموع: لن يعيش الأمس معنا إلا بأخذ العظات والعبر منه، ومن المعيقات كذلك الرؤى الضيقة، فإن اليمن أكبر من الأحزاب ومن الجماعات، لا تجعلوا الانتماء الحزبي والمذهبي عائقا، بل فكروا بعمق الوطن، ومن المعيقات السماح لنـزعة الانتقام بالتطفل على حياتكم ونضالكم، إن الانتقام روح شريرة لا تبتني الأوطان بل ترسخ الأضغان، ومن المعيقات المن على الوطن بالجهد الذي بذله أي أحد، لا تمنوا على اليمن ولا تنتظروا قبض أجرة منه على نضالكم، إن على كل فرد أن لا يقول ماذا قدم اليمن لي، ولكن يسأل نفسه ماذا قدمت أنا لليمن.
النصر روح باقية:
أيها الشباب أيتها الشابات، يا كل قطاعات الثورة من كافة الشرائح: انظروا أسباب النصر في ثورتكم فزيدوا منها، والتزموا بها، ومن أهمها: الدعاء دعا عليه إمام جمعة أول رجب فما فرغنا من الدعاء حتى استجاب الله الدعاء وأهلكت قدرة الله الطاغية ومن معه، وجعلتهم نبأ وخبرا في وسائل الإعلام، وثانيها: الصيام والقيام لقد تتابع طلب المنصة للصيام في كل أسبوع، وتتابع ندبنا من مشائخنا في الدين وعلمائنا إلى قيام الليل والصلاة بالليل والناس نيام، وثالثها: الإنفاق المالي والذي شارك فيه الجميع باعتباره تجارة رابحة مع الله تعالى، ثم الأسباب المادية وعلى رأسها توحيد الكلمة ولم الشمل وعدم التنازع والاختلاف، ثم الثبات على الصبر الذي ضربت به الأمثال، وصار منارة بين الناس، فالشعب المسلح يترك سلاحه وينزل بالصدور العارية، والحكمة اليمنية في الحفاظ على السلمية والصبر الكبير على اعتداءات نظام صالح ومليشياته، ومن أعظم أسباب النصر اشتراك فئات المجتمع كلها في صناعة الثورة وتطوير أداءاتها، فالجيش درع الثورة في موقفه المشرف، فللجيش كل التحية، تحية إكبار وإجلال، أيها الأشاوس يا رجولتنا التي نتباهى بها، ويا شجاعتنا التي نتفاخر بها بين الأمم، ويا أسد العرين في اليوم الجلل، ويا أبطال الوغى في الوقت المهاب، وكذا المشائخ لهم دور وقدمت القبيلة اليمنية دورا عظيما في الدفع بأبنائها ملء الساحات، وكم كانت القبيلة اليمنية رائعة وعظيمة وهي لا تنجر إلى مخطط صالح ونظامه بالانزلاق في الحرب الأهلية، وإنما اصطفت كل قبائل اليمن صفا واحدا مع الثورة، فلهم كل الشكر والتقدير، وكذا الشكر موصول لكل فئات شعبنا العظيم ومكوناته، إن اشتراك جميع فئات الشعب ومكوناته الحزبية والاجتماعية ورجال الدولة مدنيين وعسكريين هو الذي صنع الله به نجاح الثورة، فحتى الأطفال شاركوا، إن هذه المشاركة الشعبية هي كلمة السر التي انتصرت بها الثورة.
بناء اليمن مهمة كل أبناء اليمن:
إن بناء اليمن مهمة كل أبناء اليمن، كما كانت مشاركة كل اليمن أساس نجاح الثورة، فحافظوا على روح الثورة في بناء اليمن، ومن هنا أقول: لا تسمحوا للمرأة بأن تتراجع عن دورها في بناء اليمن الحديث، وإنما طالبوها بأن يكون موقفها أكثر تقدما في البناء، وجهدها أكبر في رفع قامة اليمن، وادفعوا بالقبيلة إلى التمدن وترك التفكير بالبندقية، وإنما بالنظام والقانون.
وأما أنتم أيها الشباب والشبات يا من صنعتم الثورة، وزرعتم الأمل، ورويتم هذه الأرض الطيبة بالدم الغالي فتقدموا ملايين بروح الثورة روح الفريق الواحد روح الشعب المناضل لبناء اليمن، فأنتم للمجد عنوان، وأنتم الأسود الذين لم تسمحوا لليأس أن يتسلل إلى قلوبكم وقد أظلمت الآفاق، فهل تسمحون له بعد انفتاحها، ولم تقعوا في فخ الإحباط والدنيا ظلام، في ظلام فاحذروا أن يتسرب إليكم وقد بدأنا نجني نجاح الثورة، وها نحن نخطووا خطوات البناء.
وأنتم يا مشائخ قبائلنا، وواجهاتنا الاجتماعية، وركائز القوم، ووجوه الناس، بدأتم مع الثورة، فأتموا معها مسيرة النضال التنموي، هيا تحركوا بكل ما تملكون من وجاهة وعرف لتحريك عجلة التنمية، ولتسريع خطوات العمران والبناء، وإلى رجال الجيش والأمن الأبطال، أيها المغاوير الأحرار، وأيها البواسل الأشاوس، أنتم العيون الساهرة وأنتم حراس اليمن وحماة الوطن، والأمناء على مكتسباته، لقد أثبتم أنكم جيش الوطن، الذي يرفض إطلاق النار على المواطنين، فعمله أن يحميهم لا أن يقتلهم. هيا كل في موقعه لبناء اليمن العظيم، ولا تسمعوا المعوقين، وتجار الإشاعات، واعملوا بجد وصدق و مثابرة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
د. محمد عبدالله الحاوري
رسالة إلى الثوار 2246