رأيته قبل عدة سنوات في مقطع فيديو في أحد القنوات الفضائية للحرب الدائرة في أفغانستان، وتساءلت حينها أي قلوب يحملها هؤلاء، إلا أنني تذكرت حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( لا يقتل القاتل حين يقتل وهو مؤمن ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن .... ) وأيقنت أن إيمانهم في تلك اللحظة – على أقل تقدير – ناقص، كيف لا وهم يقاتلون بعضهم البعض وبأيديهم سيجارة، لا يخافون أو يتذكرون أنهم لربما بعد لحظات يموتون.
إلا أن حال جنود تحالف الشمال الأفغان يختلف عن غيرهم، فهم باعوا ضمائرهم وقاتلوا إخوانهم ونصروا العدو الأميركي في أفغانستان.
المشهد نفسه تكرر ! ولكن ليس في أفغانستان ! وإنما في بلد الحكمة والإيمان، وليسوا جنوداً أفغان، وإنما جنوداً للأسف محسوبين على أهل الرقة واللين ( الإِيمَانُ يَمَانٍ ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ، أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً ، وَأَلْيَنُ قُلُوبًا ).
ما رأيته ورآه الملايين في شتى أنحاء العالم هو مشهد ليمنيين يقتلون إخوانهم، ويطلقون الرصاص الحي صوب صدورهم، ليس لشيء إلا لأنهم أرادوا التعبير عن آرائهم بأفضل الطرق السلمية، واعتصموا في الميادين للمطالبة بحقوقهم السياسية والمدنية.
وهنا وقفة.. فإراقة الدماء وقتل النفس المحرمة من أكبر الكبائر وأبشع الجرائم، وهو مدان في كافة الشرائع السماوية والقوانين الأرضية، غير أن ما يدعو للتساؤل هي الجرأة في القتل وبدم بارد ! وكأنه يمارس هواية يعشقها وفعلة يحرص عليها، يقتل وهو مدخن ومخزن، عجيب والله!.
هذا الحال لم يقتصر على أنصار الرئيس صالح ونظامه بل تعدّاه إلى أنصار الشيخ الأحمر وأعوانه في قتالهم وإسعافهم لجرحاهم، وللأسف والقات والسيجارة لم تبعد عن الكثير منهم! ولو أمعنا النظر قليلاٍ، فإننا سنتوصل لمؤشر واضح ومقياس ظاهر لقوة الولاء التي يتمتع بها الأتباع سواء للرئيس وأولاده أو لمشايخ القبائل، وعندما يمتزج ولاء كهذا، تحمله قلوب صدئة وأفهام متأخرة، فإنه حتماً ينذر بمستقبل قد يكون مخيفاً!.
وليس نقاشنا هنا في مسألة شرعية التدخين أو القات، فهذا له رجاله ومختصه، وإنما المقصود هو بيان الحالة المزرية التي وصل لها بعض الأتباع بتنفيذ الأوامر دون تأخر أو نقاش، ولا بأس أن يموت، ولكن بشرط أن يموت وهو مفتهن – رااااااااائق -.
صحيح أن سفر الرئيس للسعودية للعلاج هو مرحلة جديدة من المراحل السياسية اليمنية، بل اعتبره البعض بداية نجاح الثورة، ومع ذلك، فالمشكلة باقية وسيعاني منها اليمن حديثاً ومستقبلاً مما يستدعي الاهتمام بالتوعية والتعليم والرقي بمجتمعاتنا المدنية والقبلية نحو مستقبلاً آمناً متحضر- بإذن الله -.
نبيل عبد الله بن عيفان
أي قلوب يحملها هؤلاء 2058