يا سفراء أميركا ودول أوروبا، إن قيمكم الحضارية على المحك في اليمن، وأعني بها قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، فهل الإنسان اليمني يدخل عندكم في قائمة حقوق الإنسان، أم ماذا؟ فسروا لنا موقفكم من اليمن وضحاياه والقتل والتنكيل الذي أجراه النظام على الإنسان اليمني، فهل تقولون في أنفسكم ماذا يعني قتل اليمنيين ما داموا ليسوا يهوداً ولا نصارى ولا بوذيين فليقتلهم نظام صالح، ولتقصف بيوتهم مليشاته، وإلا فما تفسير سكوتكم المزري، وصمتكم اللاأخلاقي عما يحدث في اليمن؟!.
إن قوات صالح ومليشياته تقصف الحصبة منذ أسبوعين بالمدفعية والصواريخ والقذائف الثقيلة، فماذا صنعتم؟ وأصوات الانفجارت تبلغ مسامعكم، والقوافل الطبية لا تستطيع الدخول بعلمكم، وسيارات الإسعاف لا تتمكن من الوصول لإنقاذ المصابين وأنتم تعلمون ذلك، وجثث الناس مرمية في الشوارع، وعدد القتل في تصاعد، وأرقام القتلى تتزايد، وزنجبار تقصف بعنف وقسوة وإفراط، وتعز تقتلها كتائب صالح ومليشياته بكل قسوة وقذارة وحقارة تجلت في قتل المعاقين؟!.
إن أنهار الدم اليمني تسفك في طول الأرض اليمنية وعرضها، ولم نسمع لكم صوتاً، وتصريحاتكم خجولة جداً، ولم تتوقفوا عن الدعم لصالح ونظامه، ولم تبدوا موقفاً حاسماً من القتل، هل تقولون في أنفسكم ماذا يخسر العالم لو قتل صالح ونظامه مجموعة من المدنيين السلميين أو الأطفال أو المعاقين، ماداموا ليسوا يهوداً ولا نصارى ولا بوذيين؟.
كم هو مؤسف أن يكون لكم مكيالان وأن يكون لكم ميزانان وأن تكون نظرتكم لليمن غير منصفة، ففي الوقت الذي تشتد فيه نبرتكم وتتصاعد فيه مواقفكم على جرائم النظام السوري، تغضون الطرف تماماً عما يحدث في اليمن، وكأن قتل اليمنيين أمر مسموح به، لا حرج فيه، ولا مساءلة لمن يسفكه، بل وتوافقون على إعطائه الضمانات بعدم المساءلة، وأنتم بذلك تقولون للقاتل لا تتوقف عن القتل؛ لأنه لن يسألك أحد لم قتلت؟ ولن يطالك القضاء والمحاكمة.
ولكم أسأل، هل إعطاء ضمانات للقتلة يتوافق مع حقوق الإنسان أم ماذا؟ أم أنه دم يمني يسفك فلا قلق على حقوق الإنسان.
إن قيم أميركا وأوربا على المحك، فهاهي تنتهك على مرأى منكم ومسمع، وهاهي حقوق الإنسان تسحق أمام أعينكم، وهاهي الحرية تقصف وتضرب وتقتل وأنتم تنظرون، ولنا أن نسألكم لماذا الصمت عن جرائم صالح ونظامه؟ ولماذا لم تقدموه لمحكمة الجنايات الدولية وقد قتل المئات من المدنيين المسالمين؟ وجرح الألوف ودمر الأحياء السكنية الآمنة، وقصف المدنيين الآمنين بالطائرات، ماذا تريدون أن يصنع أكثر من هذا؟.
يا سفراء أميركا ودول أوروبا: إن موقف بلدانكم عما يحدث موقف مخز وموقف لا أخلاقي، وإلا قولوا للشعب اليمني.. لماذا تستهينون بالدم اليمني؟ ولا تبالون بقتل اليمنيين؟ ولماذا لم تتحركوا حتى الآن لنزع الشرعية عن صالح ونظامه؟ إن وزير الخارجية الفرنسي يقول: إن بشار الأسد فقد شرعيته لأنه قتل مواطنيه، وهذا بالضبط ما فعله صالح مع الشعب اليمني، فلماذا لم تسقطوا شرعيته أم أن دم الإنسان اليمني أقل قيمة.
كم سيخجل منكم أبناؤكم، وكم سيحتقرونكم حين يكبرون، ولن يقبل موقفكم هذا كتابكم ومثقفوكم وقادة الرأي فيكم وأعضاء مجالسكم النيابية ورجال القضاء لن يقبلوا منكم الصمت والإنسان يقتل.
إن دول أميركا وأوروبا تحرك جيوشها في العالم كله لأجل قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، فلماذا يقفون في اليمن مع الجلاد ضد الضحية؟ لماذا شعب اليمن فقط هو الذي لا تبالون به ولا تستنكرون قتل أهله، وخطابات مسؤوليكم تملأ الدنيا ضجيجاً وتكاد تصم الآذان عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.
إن موقفكم وموقف دولكم مخزِ ولا أخلاقي وسيحاسبكم التاريخ عليه، لأنكم تستطيعون إيقاف أنهار الدم، وتقدرون كبح جماح العنف المفرط من نظام صالح على شعبنا العظيم، أنتم تقدرون فلماذا لا تفعلون.
شكر واجب:
إن الشكر موصول لكل من وقف مع اليمن وفي مقدمتهم مملكة هولندا التي أوقفت مساعدتها منذ أول قطرة دم ارتكبها النظام ضد ثورة الشباب السلمية، وموقف هولندا موقف عظيم لم يرق إلى قوته وشجاعته أي موقف أوربي، ونشكر كذلك موقف ألمانيا والاتحاد الأوربي، وأما الموقف الأميركي فقد تحسن في الآونة الأخيرة بعد أن تحرر من الصمت المخزي.
وأخيراً:
سئل الفيلسوف اليوناني ديجون: ماذا تصنع بهذا المصباح الذي تدور به في بياض النهار؟ فقال أفتش عن إنسان، وهذا بالضبط ما حملني على كتابة هذه المقالة برغم أنكم تشاهدون ما يحدث في اليمن وتشهدونه بالصوت والصورة.
د. محمد عبدالله الحاوري
قيم أوربا وأميركا على المحك في اليمن: 2422