في تقديري إن كل إعلامي اليوم مطالب بوقفة مع الذات لإيجاد نوع من البوصلة الأخلاقية لتحديد قبلة المصلحة الوطنية.
وحتى لا يكون جزءاً ممن يشعلون الثقاب أو يساهمون في تأجيج الصراع باعتقاده انه بأدائه الإعلامي وتعصبه لما يظن انه الحق المطلق إنما يقوم بخدمة الوطن . [الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا]
كما يجب أن يتحدد خيارهم الأخلاقي الفاصل والمميز بين السلوك الذي تنتظره مؤسستهم الإعلامية تحت ضغط خطها السياسي ومصلحتها المادية، وبين السلوك النابع من قناعتهم ورسالتهم الاجتماعية المفترضة... بالإضافة إلى أهمية إدراكهم انه كما أن لأجهزة الإعلام سلطتها ومصلحتها فان للصحفيين والإعلاميين سلطتهم أيضا، فهم ليسوا كائنات مجيّرة وخاضعة للمؤسسات التي يعملون فيها، بل هم قبل ذلك وبعده نجوم مجتمع لهم مبادئهم الأخلاقية . وهذه المبادئ الأخلاقية ليست إضافة اختيارية بل هي جزء لا يتجزأ من جوانب العمل الصحفي والإعلامي، وعليها ترتكز سمعتهم التي تعدّ رأسمالهم الأكبر و يبنى عليها مستقبلهم المهني .
وان أي تصدع في هذه المبادئ اليوم لا يفيده كل أنواع الترميمات البعدية ، لان الشعب اليمني قد يغفر أي شيء إلا السقوط المهني في هذه اللحظات العصيبة التي تعيشها بلادنا كون هذا السقوط يعني الشراكة الضمنية للإعلاميين في إزهاق أرواح أبنائهم وأهاليهم من خلال التناول الإعلامي التحريضي والتعصبي والانتقائي للأخبار والتمترس مع طرف ما، بغض النظر عن الحقيقة.
ومن هنا، وعودة إلى البدء، يجب أن تتسم أعمالنا بالحيادية وتكون برامجنا وأخبارنا محاولة منفتحة وواسعة الأفق لاكتشاف ما يحدث فعلا، مترافقة باستعداد ورغبة أكيدة في نشر تلك الحقيقة مهما كانت جارحة أو مناقضة للمعتقدات التي نؤمن بها نحن أو حزبنا أو مؤسساتنا الإعلامية.
محمد احمد اليافعي
الإعلاميون والبوصلة الأخلاقية 1634