حقيقة اكتب مقالي هذا وأنا بين مطرقة الخوف وسندان الأمل، أما الأولى فخوفي على شعبي من الانجرار إلى العنف في ظل الأوضاع الراهنة وما يسعى إليه النظام الحالي من محاولات يائسة لجر الشعب إلى دائرة العنف والقتل والنهب والعصبية وغيرها مما يغضب الله عزوجل، إما الثانية فأملي بشباب الثورة الإبطال ومسيراتهم السلمية وإرادتهم وسلميتهم الدهشة التي أبهرت العالم وأملي أيضاً بأن من سيقرأ مقالي هذا سيعي هدفه ويفيد غيره لكي لا نظلم أنفسنا ولا غيرنا.
قال تعالى: { وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ }
قوله: (ولا تقتلوا النفس) هذا تعميم بعد تخصيص؛ لأنه نهى عن قتل الأولاد أولاً وهو من قتل النفس، ثم جاء هنا التعميم فقال: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)، فهذا يشمل حتى الكفار إذا كان لهم عهد ولم يكن هناك حرب بين المسلمين وبينهم، فلا يجوز قتلهم في أي حال من الأحوال، وقد جاء في الحديث: ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً )، والحديث في صحيح مسلم ، فقوله: ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة )، أي: هو كافر.
فكيف بالذي يقتل مسلماً؟، فقد جاء أن زوال الدنيا بأسرها أهون على الله من قتل مؤمن، وجاء أن الله جل وعلا يقول: لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل مسلم لأكبهم في النار كلهم، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً، والرجل يلقى الله بدم حرام )، ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: (من قتل مسلماً فلا توبة له)؛ لأن الله جل وعلا يقول: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا }، وقد أخبر الله أنه يغضب عليه ويلعنه ويعد له جهنم، ولكن الصواب الذي عليه العلماء أن القاتل إذا تاب تاب الله عليه، ويقول ابن القيم رحمه الله في هذا: إن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق: حق لله جل وعلا حيث حرم القتل، فهذا إذا تاب الإنسان منه تاب الله عليه، وحق لأولياء المقتول وهذا يسقط بالقصاص أو بدفع الدية أو بالعفو، وحق للمقتول نفسه فهذا لا يسقط، ولابد من استيفائه يوم القيامة إلا إذا شاء الله؛ فإنه قد يرضي المقتول عن القاتل، ولهذا جاء أن أول ما يُقضى به بين الناس يوم القيامة الدماء، وأن المقتول يأتي يحمل رأسه وأوداجه تشخب دماً متعلقاً بقاتله يقول: يا رب! سل هذا لم قتلني؟ وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.
وختاما :ادعوا كل العلماء والفقهاء والأعيان والمشائخ والخطباء والمثقفين والإعلاميين إلى الإرشاد والدعوة لكافة أبناء الشعب وتحذيرهم من الانجرار إلى الحروب الأهلية وقتل النفس التي حرم الله من أجل شخص أو مصلحة دنيوية، فكلنا فانون ولن يبقى إلا مقدمناه في حياتنا .
رمزي المضرحي
رسالة لكل مسلح وجندي في الوطن 2068