ليس اليمنيون وحدهم الذين يحاصرهم القلق والخوف من المستقبل بل جميع العرب يشاركونهم الهم بعد أن وصلت الأمور إلى قصف المساجد بالصواريخ واستهداف زعماء البلاد من أجل تصفيتهم بما فيهم رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح الذي نجا من اغتيال دبّر له وهو يؤدي صلاة الجمعة في الجامع الملحق بدار الرئاسة في صنعاء.
القذيفتان اللتان أصابتا المصلين في المسجد يعتقد أنهما صاروخان ضبطت أحداثياتهما بدقة بحيث سقطتا على الصفوف الأولى من المصلين في الجامع، وتحديد الصفوف الأولى لم يأت عبثاً إذ إن كبار القوم والمسؤولين يكونون عادة في الصف الأول، وهكذا أصيب الرئيس ولا يعلم أحد غير الدائرة المحيطة بالرئيس مدى خطورة الإصابة، وإن تحدث الرئيس ووجه رسالة صوتية لشعبه أظهرت أنه أفضل حظاً من زملائه الذين كانوا يرافقونه في الصلاة بالمسجد وهم، الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني، ورئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية والدفاع الدكتور رشاد العليمي، وأمين عام الحزب الحاكم المساعد صادق أمين، ومحافظ صنعاء نعمان عويد، وهؤلاء جميعهم حالتهم حرجة.
استهداف المساجد بالصواريخ وقبل ذلك منازل وعوائل قادة أطراف النزاع أوصل الوضع في اليمن إلى حالة خطرة وخطرة جداً، إن لم تكن مدخلاً لحرب أهلية تتورط فيها عدة أطراف سياسية وقبلية وعسكرية تحوّل اليمن إلى مرجل حرب يصطلي بضحايا المواطنين الذين أصبح لا حول لهم ولا قوة، وخاصة الذين في حي الحصبة في جنوب صنعاء حيث منزل الشيخ عبدالله الأحمر الذي التجأ إليه أبناؤه صادق وحميد وحمير وأنصارهم المسلحون والذي تقول المصادر الحكومية بأنه تحول إلى مركز قيادة وسيطرة تقود حرب المواجهة مع قوات الحكومة.
هذا الحي يعطي صورة لما ستكون عليه اليمن إذ حوصر المواطنون بما فيهم موظفو الوزارات الحكومية ومنهم الصحفيون في وكالة أنباء سبأ. حوصروا بين طرفي القتال وأصبحوا رهائن تارة لدى مقاتلي أبناء الشيخ الأحمر وتارة لدى قوات الحكومة، والقذائف تتساقط فوق المنازل وبعضها دُمّر والكثير من الأبرياء قتلوا جراء هذا القتال.
الآن في صنعاء والمدن الأخرى أكثر من حي وشارع مهدد، فالفتنة امتدت إلى أكثر من مدينة ومديرية وما لم يعد اليمنيون إلى حكمتهم المعتادة فسيغرق اليمن في حرب دامية سيصل شررها إلى الجيران.
* نقلاً عن "الجزيرة" السعودية
جاسر الجاسر
اليمن إلى أين..؟!! 2002