;
محمد الحيمدي
محمد الحيمدي

صفقات الدم المستباح 2097

2011-06-05 18:01:25


إينما يممت وجهك، وحيثما حط بك رحال البحث عن حقيقة التشابك والتداخل بين تيارات العنف والإرهاب والنظام، فإن الوقائع تقدم نفسها مجردة جلية صاعقة، تقطع ـ وجوباً لا جوازاً ـ بأن الإرهاب والتطرف والعنف من جهة، وأجهزة النظام المتعددة من جهة ثانية، وجهان لعملة عدائية رديئة واحدة.
وإذا كان لكل منهما حدود للحركة ومساحة للدور ولأدوات التنفيذ والتغطية والعون اللوجستي، فإن بين الاثنين وشائج صلة، وقنوات وصل وضوابط اتصال وخدمات متبادلة، علاقة تم ويتم رسم مخططاتها.
 فمن سيناريو توزيع الأدوار وحصد المغانم من كل حسب ما افتري من فتاوي تكفير، إلى كل حسب ما أهدر من دم الخصوم، تحت مسميات الوطنية والوحدة المقدسة والثوابت إلى نشر فزاعات الرعب الداخلي الحقيقي والخارجي المزعوم، فرعب الداخل الذي تنهض في بثه جماعات الإرهاب الطالعة من معطف أجهزة النظام، إنما يتحرك كلاعب فاعل في نسيج الحياة السياسية إضعافاً للخصوم السياسيين في مواجهة النظام.. ودفعاً للقوى السياسية لخلط قسري للأوراق، وتدقيقاً في الأولويات بين أن تكون معارضة لسياسات نظام فاسد، وبين الصمت والانشغال دفاعاً عن الذات وحق الحياة المهددة.. ووفقاً لهذا السيناريو ذهب الهدف بعيداً باتجاه تدجين المعارضة وتسليمها بضرورة الاصطفاف مع قوى النظام غير المدني، لصد الهجمة الإرهابية التي يرفع النظام شعار مكافحتها علناً.. ويغذي مفاصلها من تحت الطاولة وفي الحلقات السرية غير المرئية.
وفيما يعيش الإرهاب حالة انحسار كوني كامل، فإنه يزدهر في اليمن وحدها، حيث المنابر متاحة أمام فقهاء الإرهاب والحوارات مع رموز القتل منقولة بالصورة، متداولة وممجدة في الصحيفة والثقافة العامة، فالإرهاب وفق هذا الفهم المفخخ أدى ويؤدي للنظام مصلحة داخلية لجهة التوازنات السياسية، وفتح أيضاً مصدر دخل إضافي للنظام من خلال ابتزاز العالم المتقدم وعلى رأسه أميركا، وإشهار موضوعه الإرهاب بفرقعات مدروسة، محسوبة، لاستدراج منح وقروض إلى كمائن ومكامن رؤوس النظام الفاسدة ذي الحجم الكبير العائلي، وتوسيع نطاق الرضى الدولي ومظلة الحماية السياسية، ومد النظام بأسباب إضافية للنقل والتمادي بالاستبداد وانتهاك الحقوق وسفك دماء الشعب والمغايرين.
نظام الحكم يكاد يكون وحيداً متفرداً، منفرداً دون سائر الأنظمة، بالتمسك بذات قواعد اللعبة القديمة مع قوى الإرهاب ضد دعاة المدنية والتنوير والتغيير، وجعل قوى التخلف مجرد تروس وحراب ودروع بشرية للتصدي الهمجي الدموي لدعوات بناء الدولة المدنية القوية والمواطنة المتساوية والحقوق والحريات المصانة.. وهذا توظيف ثالث مازلنا نشهد تجلياته في اليمن.. حيث تجربة "السادات" حاضرة في مطبخ النظام، مغيبة جهلاً أو عنوة ما آل إليه السادات من خاتمة ومصير.
في اليمن مازالت تتغذى تيارات العنف والإرهاب، من مائدة النظام.. تنهل من مدارسه الدموية التخوينية.. أبجديات وسبل إلغاء ونفي وقتل الآخر حتى وإن كان الشعب نفسه، وفي يمن النظام القائم ليس هناك من حرمة للدم ولا عاصم لأرواح الناس البسطاء والناشطين السياسيين والحقوقيين والصحافيين.. فلكل دم ثمن يسدد في خزانة النظام ويضاف إلى رصيده السياسي والإنساني غير النظيفين.. في اليمن آلية عمل جهنمية هي عقلية التدمير الذاتي الشامل، حيث تختلط البدايات والنهايات معاً في تراكيب الأجهزة الرسمية عسكرياً وأمنياً، فليس من الممكن رسم الحدود لنقاط التداخل بين الإرهاب ومنظومة النظام.
في اليمن يستحيل القول من هنا يبدأ الإرهاب، ومن هناك تبدأ حدود مؤسسة الحكم ـ النظام ـ أو العكس، الكل في وعاء واحد.. وبقميص متسخ ملطخ بدم الشعب والمعارضين، الكل يؤدي وظيفة واحدة مزدوجة ومراكز قيادية ملتبسة، ولأن الوضع هكذا فلا غرابة أن يكون النظام الشيء وضده، ديمقراطياً ومستبداً؟ مأزوماً وصانع أزمات؟ مكافحاً للإرهاب، ومغذٍ لعضلاته متحداً مع أهدافه.
والسؤال الأهم والأخطر هو إلى أي داهية يمضي النظام بنفسه وكيانه ورموزه؟ وإلى أي مصير فجائعي كارثي يجر معه الوطن؟!.
ومن رغيف الجياع المصادر، إلى صفقات الدم المستباح يبقى السؤال موصولاً بالرعب، مفتوحاً على كل الخيارات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد