تعز.. منبر الثورة التي بُثت أصوات الحرية والكرامة منه، التي جعلت مدى أصواتها يصل إلى أرجاء العالم بأكمله, منها خرج شعاع التغيير الذي أضاء دروب الأحرار, المدينة التي اتسع نبضها لأحلام كل اليمانيين، لتكون بذلك الحالمة التي رسمت المستقبل الأفضل والغد المشرق بلوحة فداء بروزتها بأزكى الدماء وأطهر الأرواح.
مدينة وهبت شباباً بعمر الزهور لوطن تحققت أمنيته بأن يرى أبناؤه أحياء يتنفسون الحرية، بعد موتهم بصمت، كتم عنهم أنفاس الحياة.
هي الحالمة تعز.. المدينة التي حاربت الجهل المفتعل، لتحظى بحصيلة علم يجعلها عنوان الثقافة في اليمن، المدينة التي لملمت شظايا التخلف الذي بعثره الفساد، لتصنع منه رجالاً شامخين ثقافة ونساء راسخات علم.
هذه هي الحالمة التي اختارها صالح، ليفجر فيها بركان حقده على عقول عجز أن يحاربهم بسلاح التهميش، محاولاً بذلك إسكات أصواتاً الحق وإخماد ثوره الحياة، ولكنه كعادته فشل لأنه وجد نقيض آماله اليائسة، وجد أصوات تزداد ارتفاعاً، لتعانق أرجاء العالم الغربي الذي تبرأ عن إنسانيته بتخاذل ممنهج مع سياسة القمع والحرق والقتل.
ووجد شموخ العزة والكرامة المتوجة بصمود عظيم اعتلى عرش الإصرار الذي خلق إرادة لا تعرف المستحيل، إرادة قادرة أن تحل أزمة العيش الكريم الذي أصل جذورها هذا النظام الفاسد الذي يصفق له أصحاب المصالح تحت مبرر أتفه من الموقف اسمه احترام الجوار الذي حصروه بشخص صالح، متجاهلين الشعب الذي يمثل وطن.
ووجد طموح واقعه يتدفق كرهاً ويتناثر غضباً على نظام الفساد والظلم الذي يساوم بشعبه ووطنه من أجل أن يحصل على ضمانة، تجنبه ذلك المصير الذي لن ينجو منه طالما والضمائر الحية لم تمت والإرادات الُحرة لم تستكن.
ووجد سكوناً لا تزعزعه رصاصة الغادر الذي تمكن من قنص أرواحهم، ولكنه لم يقنص أحلامهم، فتعز الحالمة حتى وهي جريحة تركض بسرعة تسبق الخوف وبإرادة تقتل الألم، لتصل إلى ذلك الحلم الذي سيعيد للسعيدة ابتسامتها.
فيا أيها الطالح لا تحاول العبث بعزيمة الأحرار، لأنها ستشتعل بوجهك الفرعوني، لتٌحرق ملامح الظلم والفساد.
نعائم شائف عون الخليدي
تعز.. حالمة رغم جروحها 1964