أخي معالي د/ عبداللطيف الزياني أهلاً بكم في اليمن بلدكم الأول لأنه منبت العرب، ومعدن العروبة، أهلا بكم إلى يمن الحب والخير والسلام، أهلا بكم إلى اليمن بلدة الأمن والأمان والإيمان البلدة الطيبة في القرآن الكريم، والمباركة في السنة النبوية بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، أهلا بكم في بلاد أحفاد الأنصار الذي آووا ونصروا وآثروا على أنفسهم، الأنصار الذين هم درع الدين وحماة العقيدة والمدافعون عن الأوطان، وأكدت الأحاديث الشريفة أن الناس يزيدون والأنصار يقلون.
أخي الدكتور العزيز: أعتذر لكم باسم كل يمني وكل أكاديمي، فالعلم نسب بين أهله، عن تصرف نظام صالح مع شخصكم الكريم والوفد المرافق في سفارة الإمارات الشقيقة، وهذا التصرف لا يمثل اليمن ولا يعبر عن أخلاق اليمنيين المشهورة بكرم الضيافة ومنها حاتم الطائي كريم العرب، ولكن ذلكم التصرف الأهوج أساء لنا بقدر ما أساء لكم، وهو تصرف النظام مع كل من يتوسط لإنقاذه، فقد غدر بمن أرسلهم إلى بيت الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر.
وأظن أنكم تأكدتم أن ثورة الشباب سلمية وأنها تؤهل اليمن ليكون عضواً نافعا لأمته، وأن القاعدة لا وجود لها وأنها غير موجودة بالحجم الذي يصوره النظام، فلو رحل النظام سيرتاح الخليج من كل المشكلات.
وبعد هذا الترحيب الواجب بكم أحب أن أضع بين أيديكم ما يلي:
أولا: لست أدري هل الحواس الخمس عندكم شخصياً وعند قيادات الخليج ما زالت تؤدي نفس الوظائف التي تؤديها الحواس الخمس عند الناس الأسوياء، بمعنى هل العين ما زالت تنقل المشاهدات والمرئيات، والأذن تنقل الأصوات والمسموعات أم أن الأمر عندكم يختلف، أو أن وسائل الإحساس عندكم أخرى، لأنكم لم تشاهدوا القتل ولم تروا الدماء ولم تبصروا الأشلاء التي يرتكبها النظام في طول اليمن وعرضها
وثانيا: هل الضمير الإنساني ما زال عندكم شخصياً وعند قيادات الخليج، وربما عند الطبقة الحاكمة سياسياً وثقافياً، ما زال يؤدي وظائفه من الإحساس والشعور مثله تماما مثل الضمير الإنساني لدى الأسوياء في العالم كله، أم أن عقدة أنكم أغنياء واليمن في نظركم فقراء، فدماؤهم لا تهم، وأنينهم لا يقلقكم، دمنا يلوث خبزكم، شئتم أم أبيتم.
وهل الروابط والوشائج الأخوية والدينية وروابط الجوار ما زالت تعمل عملها كما هي عند سائر الأسوياء، أم أنها توقفت عن العمل.
أخي معالي الدكتور:
كلما قيل لي الدكتور عاد أو الدكتور سيعود تزداد الدماء أنهارا، والأشلاء جبالا، والقتل بلا حساب، حتى كأن الترحيب بكم لا يكون إلا ببحر من الدم الأحمر، وبأكوام من الأشلاء توضع على الموائد..
أخي الدكتور أتمنى أن تعرض نفسك على طبيب عيون فربما يكون لديكم عمى في الألوان فترون بسببه الدم بغير لونه، والقتل بغير معناه، والجثث المتفحمة بغير مرآها، ومروا على طبيب أذن وأنف وحنجرة حتى تعالج السمع والأنف والحنجرة، فهل تسمع أنين الجرحى والقتلى الذين سقطوا في مبادراتكم ذات الأجزاء العديدة كأنها باب الحارة، أم أن أصواتهم في مسمعكم شيء آخر، وهل أنفكم لا يلتقط رائحة الدم التي تفوح في تعز التي تحولت إلى حمام دم، فنراكم لم تتكلموا عن الشباب ومطالبهم قط، ولا عمن يقتل اليمنيين قط، وكأن هناك شيء غير طبيعي يجعلكم لا تبالون بالدم اليمني ولا أقول تتلذذون به في سادية دبلوماسية ستفتح حقلا معرفيا جديدا في العلم النفسي، ولماذا لم تدركوا من هو الذي يرفض التوقيع على المبادرة، أقول تعرض نفسك على طبيب نفسي لأن ذكاءكم لا شك فيه، فأنتم تحملون درجة دكتوراه كما نسمع، أخي: لا تخف من الأطباء فهم ملائكة الرحمة في الأرض، ولأجل صحة الناس وسلامة الحياة والأحياء يعملون.
د. محمد عبدالله الحاوري
نداء إنساني إلى الدكتور الزياني 2260