أما الرئيس فهو علي صالح، وأما القبيلة فهي «حاشد»، كبرى القبائل اليمنية، فعلها صالح وانقلب على قبيلته، ثم قصفها.
ما قام به الرئيس اليمني هو انقلاب فعلي على جميع القبائل، وليس على «حاشد» فحسب، فالمراقب للوضع اليمني يعي أن أحد أركان الحكم الرئيسية في اليمن هو التحالف مع القبائل، لكن صالح دق المسمار الأخير في نعش هذا التحالف، كما هو المسمار الأخير في نعش حكمه.
فتح جبهة «حاشد» ليس هدفاً لصالح، لكنه بتصعيده غير المتوقع مع القبائل، يسعى لإبعاد أنظار العالم عن «ثورة الشباب»، التي لا يزال الرئيس حائراً في أسلوب معالجتها، كما أن جر القبائل إلى حالة حرب مع النظام، خاصة مع احتلال مسلحين لبعض المنشآت والوزارات الحكومية، يعطي صورة للخارج بأن هناك مواجهة بين الدولة ومسلحين خارجين عن القانون، وهي الذريعة التي تُمكن صالح من صرف الأنظار عن الثورة اليمنية، وتخويف المنطقة والعالم من الحرب الأهلية التي يبدو أن شرارتها اشتعلت بالفعل.
صالح يعلم جيداً أنه أمام المشهد الأخير من مسرحية حكمه التي استمرت "33" عاماً، وفترة رئاسته أصبحت في حكم المنتهية فعلياً، فلم يبدو أمامه إلا مواجهة شعبه بهذه الطريقة، لعله يكسب جولة أخيرة تبقيه أياماً إضافية في الحكم.
صالح كما الغريق الذي لا يخشى البلل، ولا تسأل عن نتائج هذه المغامرة المجنونة، فمن قال إن الرؤساء العرب يأبهون بأمر شعوبهم، فها هو صالح يشعل حرباً أهلية من أجل كرسيه، بينما بشار الأسد يمضي في قمع شعبه حتى ولو كان ذلك على حساب أكثر من ألف قتيل من مواطنيه، أما الأستاذ في التضحية بشعبه، فهو العقيد الليبي، الذي يواصل تدمير بلاده ووحدتها، وهي التي تعرضت للانفصال فعلياً، ناهيك عن الآلاف من الضحايا.
اليمن دخل المنعطف الأخطر والأخير، ببدء الصراع المباشر للنظام مع القبيلة، كانت القبيلة مساندة لثورة الشباب، لكنها لم تستهدف بشكل مباشر، كما هو الآن، يُحسب لليمنيين أنهم طوال الفترة الماضية لم يرفعوا السلاح خلال ثورتهم السلمية، رغم استفزاز النظام، وسعيه لجر المعتصمين لمربع العنف، أما في التصعيد الأخير، فقد نجح صالح في استفزاز أسرة آل الأحمر، ومن خلفها مؤيديها من «حاشد»، في استخدام السلاح، لذا لم يكذب الرئيس خبراً، في قصف منزل الشيخ/ صادق الأحمر بالصواريخ، والطائرات، تصوروا، رئيس دولة يقصف زعيم قبيلته بالصواريخ، نعم ذلك يحدث في الجمهوريات العربية، واليمن تحديداً.
السطر الأخير من رحيل الرئيس، كتبه صالح بإصراره على البقاء وإغلاق النافذة الوحيدة لإنقاذ بلاده والمتمثلة في المبادرة الخليجية، حتى علقت المبادرة وأصبحت في حكم المنتهية، حاصر الوسطاء الخليجيين في سفارة الإمارات، ثم بعث مروحية لتخرجهم مع اعتذار شديد اللهجة للرئيس الإماراتي، قصف رؤساء أحزاب اللقاء المشترك وأعضاء لجنة الوساطة وهم في منزل الأحمر.
اليمنيون يسمون هذا التصرف بـ«العيب الأسود»، فهل يعي صالح جزاء «العيب الأسود» في اليمن؟ بالتأكيد فهو أحد أفراد قبيلة "حاشد" ويعلم عقوبة قصف مشائخ القبائل وهم في مهمة وساطة.
Salman@asharqalawsat.com
× نقلاً عن الشرق الأوسط
سلمان الدوسري
عندما يقصف الرئيس قبيلته 1905