حين قرأت خبر إحراق الناشطة/ غانية الأعرج ظننت أنه خيل لي، فأعدت قراءة الشريط الإخباري لقناة الجزيرة وسهيل أكثر من مرة وحين أدركت أنني لم أخطئ القراءة والرؤية، تجمدت الدماء في عروقي وجف لساني وبالكاد نطقت حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.
هل فقد الرئيس وأعوانه العقل والدين معاً، فأي قلوب يحملون بين جنبيهم وأي نفوس شريرة خرجت عن كل المعاني الإنسانية والأخلاقية حتى وصلوا إلى حد إحراق الناس بدون ذنب سوى أنهم اختلفوا معهم وأرادوا التغيير بطريقة تكفلها لهم كل قوانين وشرائع الأرض والسماء.
ألا يكفيه أن الناس يـئنون تحت وطأة الأزمات الخانقة التي يحاصرهم بها من كل جانب، ليجعلهم يستسلموا للأمر الواقع ويرضون به رئيساً مدى الحياة؟ وأي رئيس هذا الذي يقتل شعبه، بل ويحرقهم حد الموت، لا فرق عنده بين امرأة أو رجل وطفل وشيخ.
النساء يقفن طوابير أمام محلات بيع الغاز منذ الصباح الباكر، في صورة موجعة لمن يراها ومخزية لمن صنعها ومن يتحجج أن المعارضة هي السبب.
هذا الرجل الذي فقد أدنى صفات الحياء والأخلاق حين أرسل أعوانه لمحاصرة السفارة الإماراتية في حركة غبية منه، يظن بها أن السفراء والمبعوثين سيقفون مشدوهين أمام منظر شعبيته ومكانته عند أبناء بلده، مع أنه من طلب مساعدتهم واستغاث بهم ليخرجوه بطريقه تحفظ له قليلاً من الكرامة التي هدرها ويهدرها الآن بيده.
ماذا بقي الآن لعلي صالح؟ الحرب الأهلية التي يهدد ويتوعد بها، ألا يدرك أنها إن وقعت، فلن تكون أهلية، بل ستكون بين شعب وسفاح خارج عن القانون والشرع والأعراف الإنسانية، ولن تكون إلا وبالاً وخزياً وعاراً عليه في الدنيا وإن عذاب الله في الآخرة أشد وأنكى.
إلى متى سيظل واهماً بأن الناس سيقبلون به بعد أن أزاح بيديه القناع عن وجهه الحقيقي وظهر كم إنه متسلط وظالم وجاهل أيضاً.
ماذا بقي يا زعيم في جعبتك؟ فهذا الشعب تعود على كل شيء وأصبح عنده مناعة ضد الأزمات والحروب، لكنه أبداً لن يتراجع مادام وقد خرج للتغيير وإن كنت مصمماً على "إما أحكمكم وإما أفنيكم"، فإن الموت بات أهون بكثير من أن تبقى ممثلاً لشعب هو بريء من تصرفاتك وأخلاقك، براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
جواهر الظاهري
جنون الحُكام 2162