أحلام المقالح
الفيلم اليمني (المبادرة)، لا أظن أن هناك من يجهل هذا الفيلم الذي كتب الله له الإشهار دوناً عن باقي الأفلام اليمنية القصيرة والباردة..
هذا الفيلم من إنتاج الحكومة اليمنية، برعاية ودعم حاكم الدولة الذي تدور أحداثه حوله ويُعتبر بطله الخفي، فتضمنت أحداثه قصة حاكم دولة حكم شعبه "33" عاماً، وأسبغ على نفسه وذويه وأصحابه النعم ظاهراً وباطناً، وحينما ضاقت أنفس شعبه بحُكمه البائد، خرجوا جميعاً، ليعلنوها إرادة شعب واحد وتوحدت أصواتهم على كلمة (إرحــــــل)، ولكن هذا الحاكم لم يترك في نفسه مساحة شاغرة إلا وشحنها شراً في أبناء شعبه، فقُتل من قُتل وجُرح من جُرح..
المُهم.. تبدأ الأحداث بالتطور حينما تَدَخل جيرانه الأشقاء محاولة منهم للإصلاح بين طرفين، ظناً منهم أنها أزمة وليست ثورة, فكانوا يبعثون المغلوب على أمره (الزياني) بمبادرة كي تعود لهم موّقعة من الطرفين، ولكنها تعود دون توقيع وهكذا لخمس مرات وفي كل مرة يحاولون إرضاء الحاكم بمبادرة على حسب الطلب، ولكنه يختلق الأعذار والمبررات لعدم التوقيع..
هذا الحاكم اتصف يوماً بالدهاء، ويوماً آخر بالبلاهة وأياماً أخرى بالمراوغة، ففي آخر زيارة للزياني ومعه المبادرة المتفق عليها، بأن تتوقع من قِبل الطرفين ووسط ترقب الشعب الثائر بدأت سيناريوهات وأحداث الفيلم، تتأجج للإثارة نوعاً ما، فالزياني حضر ومعه المبادرة والأطراف موافقون على التوقيع والشعب، رغم رفضه للوساطة الجائر إلا أنه لم يمنعهم ذلك من الترقب ولكي تكتمل الرؤية وتصبح أكثر وضوحاً للمتتبع للأحداث قام بعض موالي الحاكم بمحاصرة المقر الذي يستعد الزياني لمغادرته للتوجه إلى مكان آخر لتوقيع المبادرة وقاموا بقطع الطرقات (حركاتك يا عم).. كل هذا فقط لأنهم لا يريدون زعيمهم يوّقع... سبحان الله!.
ما علينا.. الذي جاء بعد هذه أن الزياني عاد إلى بلده بعدما أنقذته طائره هيلوكبتر من مقر محاصرته ومعه المبادرة غير موّقعة وتستمر الحكاية، فمبادرة خلفها مبادرة وحاكم الدولة لا عجبه العجب وفي كل مرة تبرز نواياه عبر حركات أكشن أو دراما في أحداث الفيلم..
الجزء الأخير من هذا الفيلم أتضح من خلاله أن المبادرة عُلّقت والزياني أخذ أعمق عن حاكم البلاد وقدماه تعبت من الركض وراء توقيع.. ولكن لا نعلم، فلربما كان هناك جزء آخر لهذا الفيلم يعود فيه الزياني مع المبادرة، وحينها أعتقد أن عنوان الفيلم سيتغير ويُصبح (التوقيع الضائع) أو (رحلة البحث عن التوقيع)..
إن المتتبع لأحداث الفيلم، وبالرغم من كونها تشد الانتباه وتحفز روح الترقب، إلا أنه يجده مؤخراً، مجرد فيلم بايخ، قد أخذ حيزاً من الوقت وأخر من عملية إسقاط النظام والمستفيد الوحيد من هذه الأحداث هو الحاكم..
الشيء المتفق عليه من قِبل متتبعي الفيلم أن أحداثه متوقعة ومُدرجة ضمن أوائل الإحتمالات، لذا فالجميع يعرفون نهايته مع أنه أخذ منهم من التأثير والترقب ما أخذ، وهذا سبب كاف لأن يكون فيلماً بايخاً بأحداثه المتوقعة..
انتهى الفيلم.. وبالأصح انتهت قصة المبادرة ولا نعلم، فلعل وعسى أن يكون هناك جزء آخر لفيلم هذه المبادرة..
أحلام المقالح
فيلم المبادرة 1936