صدمت ككل مواطن بنبأ اغتيال بلبل اليمن الصداح/ عبدالرحمن باجنيد، ذلك الفنان الرقيق والإذاعي اللبق والمثقف الموسوعة والذي كان يمثل صورة للشاب اليمني الطموح الذي يبحث عن مزيد من المعرفة ويعطي بلا حدود.
ترك عدن بكل مفاتنها، عدن التي أحبته وأحبها، بتلفزيونها المتألق الذي كان الوصول إليه والعمل به حلم كل زملائه ولكن طموحه كان أكبر وشغفه بالاستزادة من كل العلوم دفعه للهجرة إلى هولندا والعمل بالقسم العربي بالإذاعة الهولندية.
فكان أنموذجاً وصورة حية لليمني المجد والخلوق، ترى في مرايا وجهه موانئ اليمن وشموخ جبالها وجمال حقولها وسهولها، وانسكاب شلالاتها وعذب مياها.
فغنى للطير والفلاح، في صوته رقة وشجن وفي إيقاعه فرح، رغم ما يعانيه من ألم الغربة، لكنه وككل يمني يسمو فوق الآلام لقد غنى للأرض الذهب الأبيض، غنى لدلتا أبين ولوادي حضرموت ولفل الحسيني، ولكروم صنعاء ولمشاقر صبر.
"يا بختاه يا بختاه.. بانجني الذهب الأبيض.. وباشيل من ذي الوصل.. جاهز مكمل معمل.. وبافعل لذي البدر منه مقرمة ململ".
ومن من جيلنا لا يتذكر رائعته:
"أعطني يا طير من ريشك جناح.. بالحق المحبوب لين ولى وراح".
لم ينسى الزعفران ولا حارة القاضي ولا الطويلة كان يردد: " ما نسى قلبي حبيبه ما نسي.. كيف ينسى ثغر منه يحتسي.. كيف ينساها عيون النرجسي".
عاد باجنيد ليجدد العهد الأول، ولكن يد الغدر اغتالت روحه ولكن حبه لليمن سيبقى يمثل العشق الذي لا يمكن أن يتخلى عنه ابن هذه الأرض مهما كانت المغرمات.
لا أظن أن هناك دوافع سياسية ولا عدائية لأنه كان مسالماً بشوشاً، ولكني أظن والله أعلم أن السرقة كانت الدافع لإزهاق روحه في ظل تفلت أمني وأخلاقي مريع يعيشه الوطن.
نسأل الله أن يرحم فناننا الكبير/ عبدالرحمن باجنيد وكل شهدائنا الأبرار وأن يعم وطننا الأمن والأمان ليزدهر حباً وبنياناً وأن تتحسن الحالة المعيشية لتقل أعداد المضطرين نفسياً ولننعم بوحدة الأرض والقلوب ويسود الخير كل اليمن.. قولوا آمين.. آمين.
عمر علي الدبعي
من أسكت بلبل اليمن؟ 1858