شعب ينتفض بكل مقوماته وبكل مكوناته، بصورة يعجز عن وصفها، بمفردات تعبر عن عظمة هذا الشعب وعن ثورته الرائعة.
أربعة أشهر ماذا ينتظر الشعب اليمني؟ سوى من كان حاكماً له أن يرحل من دار الرئاسة، لأنه قد فقد كل ما قد أعطاه حق البقاء في سدة الحكم، لكن هذا الحاكم راوغ وكابر وجيش من المنافقين والمتكلمين كلاً بدهاء واستخفاف بالشعب اليمني، يرسم ملامح لأوضاع حسبما يريد لا كما هي على الأرض وكل هذا خدمة لفخامته.
كانت ستنتصر الثورة قبل هذا الأمد الطويل لولا أحزاب اللقاء المشترك التي فتحت جبهة الحوار وبما تسميه العمل السياسي، ليتشعب الحوار وتدخل الأطراف الإقليمية والدولية وكلاً قد وضع ملفات مصالحه وأمنه واستقراره ليبث النقاش بها قبل المضي في البحث عما يدور على الأرض اليمنية.. فتأتي المبادرات.
ومع أن الشعب اليمني رفض ومنذ البداية التعامل مع ثورته بهذا الاستخفاف، إلا أن الوعي الذي قد وصل إليه جعل من المراقب الحصيف ليكتشف التشابه الكبير بين طبيعة النظام والقواعد العامة التي تبني عليها المبادرات والتدخلات وحتى التحديثات التي طالت تلك المبادرات، ليزداد اقتناعاً بعدم جدوى تلك المبادرات والركون إلى نتائجها وكأنها فصلت للحاكم وإنقاذه لا لإنقاذ شعب من جور الحاكم، وكلها كتبت للحفاظ على المصالح لا لالتفات إلى تطلعات الشعب اليمني وطموحاته.
في المقابل ظل في الساحات شعب ينزف دمه ويودع خيرة شبابه، أما لمثوى الشهادة أو بحضن الإعاقة لترافقهم ما عاشوا، وعلى الأرض أيضاً ميزانية شعب تنهب واقتصاد يتدهور وحقوق تسلب، انتهاكات صارخة بحقوق كل من يعلن تبرئه من هذا النظام.
ليسقط النظام عملياً على الأرض ويبدأ المؤيدةن والمعارضون له على السواء بالبحث عن آلية خروجه من دار الرئاسة.
نظام مهزوم ومتآكل من الداخل بعد أن هزمت كل مخططاته التي سعى من خلالها إلى دحر الثورة والتنكيل بثوارها الأحرار، لكننا وجدنا من سمح للمهزومين بالمراوغة وكسب الوقت لترتيب أوراقهم المحترقة والمنتهية الصلاحية.
لكننا نظل نقول لأشقائنا في السعودية: إن الثورة لن تصدر إليكم ولكن يمكن لملايين النازحين أن تصدرهم حرب أهلية إلى أراضيكم ما إذا استمرت مبادراتكم في تقديم التنازلات والضمانات لعلي صالح وأعوانه.
فلا تخافوا من ثورتنا، إنها ثورة على الظلم والاستبداد والفساد وليست ثورة على الجوار، على الرغم من وصول دول الخليج إلى قناعة بأن علي صالح لا يستخدم الحوار إلا كطريقة لدحر الآخر وكسب الوقت، إلا أنهم لم يعلنوا للحظة عن قرارات حاسمة كرفع دعمهم عنه بسحبهم للمبادرة وإعلان الطرف المتسبب بإفشالها وتأييدهم لمطالب الشعب اليمني وقراراته.
فليس الشعب اليمني بهذه السذاجة حينما يقال له إنما يقدم من مبادرات تصب في صالحه، أم أن مصالح الجوار والغرب أصبحت تتعارض مع آمال الشعب اليمني وطموحاته؟!.
فالثورة اليمنية هي الثورة العربية التي ابتلاها الله بمعارضة تضع قدماً في الساحات وقدماً على طاولة الحوار والتنازلات وتفتقد للحنكة الدبلوماسية وإلا فما هي انجازاتها على أرضية المراوغة وكسب الوقتي التي هيئته لعلي صالح.
وبلاها الله بجوار إقليمي وضع مصالحه وأمنه واستقراره على أولويات أجندته وتحركاته ووساطته، نظام ملكي، مصدر هام للنفط، ومرتبط مع النظام باتفاقيات مجحفة بحق الشعب اليمني، فهو الأكثر خشية من أي تغير في الإدارة السياسية لليمن.
ومصالح غربية ليس لها في تغيير واجهة اليمن السياسية أية مصالح، وخصوصاً وأن النظام حليف أمني طالما قدم التنازلات حتى في قضية السيادة الوطنية.
فالأوراق التي تتبادل من تحت الطاولات هي التي ترمي بظلالها على نتائج المبادرات والمفاوضات، لتكرس المصالح الإقليمية والأجنبية وتهيمن على مسار التدخلات والوساطات لتطيل من عمر نظام لم يعد يملك ما يؤهله للبقاء على سدة الحكم ساعة واحدة.
لكن الشعب اليمني لم يعد يعول لا على الجوار أو على الغرب والحسم باعتقاده لن يأتي إلا من ساحات وميادين الاعتصام وبالتصعيد السلمي، لا من أروقة ا لقصور ودهاليز السياسة.
لقد بات من الضروري إعادة النظر في علاقاتنا مع الجوار والغرب والتي ينبغي أن تكون على أساس الشراكة والمصالح المتبادلة وليس على أساس التبعية المقيتة التي تتحكم في مفاصل الدولة وسياستها الداخلية.
بشرى عبدالله
انتفاضة شعب.... 2108