أجد نفسي مرغمة على الكتابة من جديد عن ساحات الحرية، لأني اشعر أنني لم أوفيها حقها في ذلك، وربما لإحساسي أن وقت مغادرتها قد اقترب بعد أن تنتصر الثورة ويرحل النظام بلا رجعة.
فالمتأمل لما يدور في الساحات يتعجب حقاً لقدرة الله سبحانه وتعالى في تغيير واقع كان يبدو وكأنه بات قدراً مقدراً لا فكاك منه، وكيف بين ليلة وضحاها ينقلب المستحيل إلى أمر عادي وحاصل، فساحات الاعتصام تحولت إلى مجتمع صغير الكل فيه يتفقون على هدف واحد كبير صغرت أمامه كل الأمور التي كانت تفرق بينهم وزالت كل التسميات والفوارق التي غرست في أذهان الناس، ربما عمداً وربما جهلاً.
وصفات عجيبة ليس لها معنى ولا مصدر ولم ينزل بها كتاب الآن فقط أنت مع الشعب تفضل معنا وان لم تكن فليس معناه انك عدو أبداً، في النهاية نحن شعب واحد تجمعنا إخوة الإسلام قبل وبعد كل شيء، فإن كنت لم تدرك حتى الآن أن هذه الثورة جاءت من أجل الأمة كاملة وليس من أجل شخص أو حزب، فهذا شأنك ورأيك خاص بك وحدك ولك كامل الحرية، فقط تنحى جانباً واكفنا شرك وليس معنى هذا إن لم تكن معنا فأنت ضدنا.
فالعصبية والتعصب مذمومان في دين الله ولا يجب أن تكون إلا في سبيل الله وحده، لا في سبيل رئيس أو حزب أو حتى قبيلة, نعم هناك بعض الأمور التي لازالت تحتاج لوقت حتى تستوي في أذهان الناس ولا ندعي إننا قد تحولنا إلى ملائكة أو انه لا توجد أخطاء، لكن في هذه الحياة لا شيء كامل النضج مائة بالمائة، لأننا في النهاية بشر والكمال من صفات الله تعالى وحده والثورات تأتي لتصحح الأخطاء وتغير الواقع وتصلح ما افسد الفاسدون.
الغريب في الأمر أننا نجد أناساً أميين لا يجيدون حتى فك الخط، لكنهم بالفعل في غاية الوعي وحين تتحدث معهم تجدهم موسوعة تاريخية رهيبة يختزنون في أذهانهم أحداث كثيرة بتفاصيلها وإلا هم من ذلك أنهم يعون جيداً ماذا تعني ثورة في حين أن البعض ممن يدعي الوعي والثقافة لازال يؤمن بأن الرئيس من القوم الذين اختارهم الله ليكونوا حكاماً على العباد وبالتالي علينا الاستسلام للأمر الواقع، نسي أولئك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ).
نسأل الله أن يهدينا وإياهم إلى سبيل الرشاد.
* لوحة اسمها ساحة
في الساحات بشر
نساء ورجال وأطفال وحجر
في الساحات ثورة وثوار
وخيمة ومطر
في الساحات ولدنا تطهرنا اغتسلنا
من عار حاكم قابع
على كرسي قذر
في الساحات انهزم الخوف ومات الذل
والصمت انكسر
في الساحات انهزم إله صنم
وهزم جمعهم
وسيولون الدبر
حين زعموا أنهم أرسلوا من السماء
وان حكمهم قدر
وان السماء تحرسهم والأرض بسطت تحت أقدامهم
وان الخالق فضلهم على البشر
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
قالها الفاروق عمر
جواهر الظاهري
شعب واحد مهما اختلفنا 2114