تحتفل بلادنا بمعية العالم أجمع بيوم الصحافة العالمي، كتقليد سنوي راسخ، يمثّل هذه الاحتفاء انتصاراً لحرية الكلمة، وإضفاء لمشروعية الرأي والرأي الآخر، والذي يعد أحد المقومات الأساسية لأي تقدم حضاري وتنموي في العصر الراهن، عصر الحرية وحقوق الإنسان عصر الشفافية وحُسن البيان.
وتعد الصحافة مرآة لما يعتمل في المجتمع من فعاليات ونشاطات حياتية، لتنقل صورة هذا الحدث أو ذاك، لتسجل حوله الآراء المختلفة ووجهات النظر المتباينة، وهي أي الصحافة رئة المجتمع الحية الذي تزوده بأسباب البقاء على قيد الحياة، فإذا وقفت هذه الرئة وتعطلت عن العمل، يدب الموت في أطراف هذا المجتمع من موت ثقافي وحضاري، لينسحب ذلك على جميع الأصعدة والميادين، ويطل الجهل برأسه، ويعود الظلم، وتكرّس ثقافة الرأي والواحد بدلاً من ثقافة الرأي والرأي الأخر.
ولا شك حينئذٍ من قتامة الصورة وسوداوية الألوان، لغياب الحرية بلونها الزاهي، الذي طالما سقى جذورها دماء الشهداء وأنين الثكالى وآهات المكلومين.
* الأزمة اليمنية الحالية ألقت بظلالها على الواقع الصحفي والإعلامي في البلد، غابت خلالها المصداقية والواقعية، وحلت محلها الحزبية المقيتة {كل حزبٍ بما لديهم فرحون}، ولو كان هذا الخبر أو ذاك كذب أو افتراء، أو هذا المقال خطأ لما يحمل في طياته من البلاء، لا يهم لديهم مادام يخدم أحد أطراف الأزمة، وفيه للحزبية نصيب ووفاء.
وهذا لعمري من قتل الكلمة الحرة النزيهة، وتزوير الإرادة الصادقة، عكس ما ترمي إليه حرية الصحافة والتعبير، والذي استحقت هذا الاحتفاء.
أما نحن في حضرموت فواقعنا الصحفي والإعلامي يدعو في الرثاء، بسبب هذه الأزمة وذلك لاحتجاب مطبوعتين صحفيتين هما ((حضرموت اليوم ــــ والرشد))، واللتان كانتا تمثلان الرأي الآخر باحتجابهما غُيب الرأي الآخر الحر وبقيت الساحة الإعلامية والصحفية للرأي الأوحد رأي السلطة السليط والذي يصور الأمور على غير حقيقتها، استجابة لسياسة الحاكم وما يريد، وهذه أزمة ثانية وإضافة للأزمة السياسية، أزمة رأي وحرية.
فهل تنقشع سحابة هذه الأزمة العامة، ليعود صفاء سماء الصحافة إلى الحرية بدلاً من هذا الواقع المزري.. آمل ذلك.
mosabeh5@gmail.com
مصبح بن عبد الله الغرابي
إعلام السلطة "حبتي وإلا الديك" 1916