"بلوتارك" له مقولة عظيمة لطالما وجدتها ماثلة في هذا البلد المنهك والفقير والمدمر فعلياً جراء إدارة الحكم القائمة على ذات المنطق السقيم المبدد لكل مقدرات وموارد الدولة، المتأمل في حكم الرئيس صالح سيجده خير برهان وتطبيق لهذا القول: الحاكم بمقدوره تدمير شعبه بكل سهولة ومن خلال الهبات والعطايا والمنح).
إن هذا الرئيس بحق دمر شعبه معيشياً ونفسياً ووطنياً وثقافياً ووجدانياً، فهل هنالك ما هو أسوأ من رؤية الحُكم وهو بهذه الصورة البائسة والمهينة لكرامة اليمنيين؟، تظاهرة الحزب الوطني في مصر صارت تعرف بواقعة الجمل بين عامة الشعب المصري بل وفي مختلف وسائل الإعلام، ليت المسألة هنا اقتصرت على حادثة أو مهزلة بعينها! الواقع أننا أمام مهازل لا تنتهي ومآس لا تتوقف، فما من جمعة مطالبة بتنحية الرئيس إلا ويتم مواجهتها بجمعة البقاء في السبعين.
شيء مخجل ومهين لكل من لديه ذرة كرامة وكبرياء، فالرئيس الذي رفضه غالبية شعبه مازال يحشد ويقتل ويسلّح ويخطب ويهدد بحرب طاحنة ومدمرة، تصوروا حتى سقطرى والمهرة وغيرها من البقع المنسية في وسائل الإعلام، ثارت وانتفضت هذه المرة على الرئيس ونظامه، لم يبق سوى القصر الجمهوري وميدان السبعين ومع هذه المساحة الضيقة لم يدرك الرجل أن الوقت قد أزف وان هذه الثورة لن تثنيها أفعاله وتصرفاته.
الرئيس أجزل على خصومه أو الموالين بالهبات والعطايا والمنح والرتب، ربما بهذه الطريقة أستطاع حُكم البلد أطول مدة في التاريخ القديم أو الحديث، لكنه لا يعلم أنه بإتباعه هذا النهج دمر شعبه وأفقره لحد أن بلده في قائمة عشرة دول فقيرة في العالم.
مثل هذه الوسائل كانت متبعة في عقود حكمه، اليوم قد تفلح بحشد البسطاء والموالين إلى العاصمة صنعاء، لكنها لن تحقق له هدفه كسائر حروبه وأزماته، فالثورة غير الأزمات والحروب السالفة ، هذه الثورة لم يقم بها مجموعة ضباط أحرار أو جبهة أو فصيل، بل شعب بمختلف فئاته ومكوناته؛ ولأنها ثورة شعبية فهنا يكمن صيرورتها وانتصارها، ربما أفلح لزمن طويل بتدمير حريات اليمنيين بالمال العام والوظيفة، لكنه لن يستطع النيل من ثورتهم المجيدة، فهذه الثورة تعد لمعظم اليمنيين أخر ممكنات الحياة والتعايش والمواطنة والتوحد ووالخ.
محمد علي محسن
الثورة أخر الممكنات 2371