الدنيا هي العالم الذي ولجناه لعُمر وسوف ينقضي ونخرج منها مغمضي العينين عن حياة عشناها بكل تفاصيلها، لذا فكل المحطات والأحداث التي نمر بها في هذا العالم تأخذ من أعمارنا شيئاً وتعطينا ملامح تتبع لطبيعة هذه الأحداث..
(الحياة حلوة)، ربما تكون هذه الجملة الخبرية المكونة من مبتدأ وخبر، عنوان لأغنية معروفة، ولكنها أيضاً عنوان لحياة كل أمل، فأينما سمعتها بقلبك تحسست معاني الفرح ومكامن (الحلاوة) للحياة، أما إذا فتحت أذنك وقلبك لجملة تُناقضها مثلاً ،(الحياة زفتة) كما نقولها عامياً، فلن تسيطر عليك إلا نفثات التشاؤم على حياة تحتمل كل الوجوه، فتحتمل الفرح والحُزن واليوم الأبيض واليوم الأسود، فإما أن تجد وجهاً رضياً أو وجهاً مقلوباً..
دعونا نعترف أن هناك الكثير من المشاعر الجميلة التي تغيب عن حياتنا، فتُسيء أحوال حياتنا وهناك أيضاً أفكار نبيلة توارت عن حياتنا، فزادت بسببها مساحة الضيق والكآبة في حياتنا، لذا لا بُد أن نستعيد هذه المشاعر ونحوّل الأفكار النبيلة إلى أعمال لنشعر أن الدنيا حلوة فعلاً..
فالأناني مثلاً يحب نفسه، لذا يرى حياته في أحداثها جميلة، ولكنها ليست كذلك وما يشعر به ينتج عن تغاضيه عن نظرات من حوله، فماذا سيحصل لو أن مشاعر حبه لنفسه توسعت قليلاً وبات يحب كل من حوله، كما يحب نفسه تماماً؟ ألم تحدثه نفسه يوماً أنه لو فعل ذلك سيحيى حياة أخرى ملؤها البهجة والسعادة والإبداع، فهذا الشعور وحده (الحب) من يُعطي للحياة روح تسري فيها البهجة وتصبغها بالسعادة، ولكن لننتبه أن الحب السعيد هو الذي يعبر عن حالة يعيشها الإنسان وتجعله يحب كل شيء ليس لشيء، ولكن لأنه يحيا حالة حب لا عن علاقة بين طرفين.
الشيء الآخر الذي يجب أن نقف أمامه، هو مصائب الحياة والتي بلا شك إذا حلت على البعض منا، فإنه يلبس السواد لتفاصيل حياته التي لم تأت بعد وما زالت في طيّ الكتمان وهذا بالتأكيد أمر خاطئ، فأين الرضا بالقدر أولاً وأين الحكمة في تقبل المصائب والتصبّر عليها، فهي جزء من الحياة ولا يستطيع شخص على وجه الأرض أن يردها عنه، لذا فالرضى بالقدر يُضفي لوناً جميلاً ومشرقاً للحياة ولو تخللت تفاصيلها بالمصائب والمشاكل.
والشيء الذي تأكدتُ منه أن قسوة الحياة زادت والشعور بحلاوتها اختفى، وانتشرت مشاعر اليأس والإحباط فقط حين قَلّت مساحة الود والرفق في حياتنا اليومية، فلا أحد يولد لطيفاً ولكنها صفات يسهل اكتسابها والتدرب عليها بأن نتصرف كودودين مع صدق رغبتنا في ذلك وسنصبح لطفاء، ويجب أن تكون مشاعر اللطف والرقة والود للجميع وليس لأحد دون أحد، حتى نكون لطفاء حقاً دون مصلحة.
وأن يكون دائماً فعلاً وليس رد فعل ينتظره الآخرون منا وبهذا نمنح الحياة معنى آخر يجعلها أحلى.
دعونا نقترب أكثر إلى من فقد إحدى نعم الله كالكفيف مثلاً، فهو الذي لا يرى الدنيا بعينيه، ولكنه يراها بقلبه وحينما سألته ماذا عن حياتك، فرد مبتسماً الحياة حلوة، حينها فقط شعرت كم نحن تعساء حينما لا نتحسس مكامن حلاوة الحياة لنحييها ونبث أشعتها لباقي تفاصيل حياتنا التي قد تنغصها بعض الأحداث والمشاكل لباقي تفاصيل الحياة التي ننغصها بيأسنا، فهذا الكفيف فقد شيئاً نمتلكه نحن ولكنه يرى الحياة بمنظور جميل في حين أن البعض ممن لم يفقدوا شيئاً يتأوه وينكب على وجهه لمجرد أنه واجه حجرة عثرة أمامه، وينسى أن لديه مخزوناً لا ينضب من مشاعر جميلة ومفعلات مكنونة، تُفجّر كل الصخور التي تعيقه عن الوصول للحياة السعيدة.
فيا كل يائس أو محبط، لا تنشغل بأيام لا شك بأنها ستمر وافتح كل النوافذ، فهناك ضوء سيأتي من هناك.. من أقرب خيط للأمل يجعلنا نصرخ بصوت واحد (الحياة حلوة).
أحلام المقالح
الحياة حلوة!! 2077