ما من حاكم جمهوري إلا وكانت نهايته مأساوية ، فباستثناء الرئيسين/ عبدالرحمن سوار الذهب في السودان وعلي ولد فال في موريتانيا ؛ لا يوجد ملك أو رئيس غادر كرسيه بسلام ورغبة في الحياة الكريمة والمجد والإيثار ، كل هذه الجمهوريات العربية تكاد واحدة من حيث خاتمة حكامها الذين لا يغادرون الحكم سوى إلى القبر وعلى يد ملك الموت عزرائيل، وإما إلى المنفى أو المعتقل عقب ثورة أو انقلاب أو احتلال .
الرئيس/ حافظ الأسد ظل في الرئاسة "37" سنة وبعد وفاته عام 2000م ذهبت السلطة إلى ابنه الدكتور/ بشار بدلاً من عودتها إلى البرلمان أو الحكومة أو الشعب السوري الذي تقتله ترسانة أول جمهورية يتم توريثها ، تصوروا جمهورية أفلاطون وقد صارت مملكة الأسد ، لا تسألوا كيف ؟ ففي جلسة واحدة للبرلمان تم تنصيب الابن بل وتعديل الدستور ذاته بحيث صار سن الرئيس بمقتضى هذا التعديل دون الأربعين .
الرئيس مبارك حكم مصر منذ اغتيال سلفه الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 81م ومع طول المدة أبى مغادرة كرسيه إلا بثورة شعبية وإلى الحبس والمحاكمة له ولنظامه ونجليه جمال وعلاء.. الرئيس "بن علي" كذلك لم يشأ لنفسه غير الهرب والمنفى ، القائد العجيب يحكم جماهيريته الغريبة منذ الانقلاب على الملك الزاهد/ إدريس السنوسي في 1 سبتمبر 69م وحين ثار الشعب عليه صار يدمر كل مقدرات الثورة والثروة في سبيل أن يبقى قائداً إلى الأبد .
الرئيس البشير جاء بانقلاب عام 89م ولن يترك السلطة بغير ثورة أو انقلاب ، الرئيس صالح لا يختلف عن الحكام العرب ، فمنذ 17يوليو 78م والرجل في سدة الرئاسة ، لن يرحل بشرف وكرامة بل على العكس سيظل منافحاً من أجل البقاء حتى آخر ثانية ، ليذهب اليمن وشعبه إلى الجحيم ، لينهار البلد واقتصاده ودولته ، ليكن انفصال الجنوب واقعاً، ليقتل المئات ويصاب الآلاف ويتظاهر الملايين وليخرج الشعب كله إلى ساحات الاعتصام ، ليبقى هؤلاء أشهراً وسنة، فالرئيس لن يكون حالة استثنائية .
"من يهن يسهل الهوان عليه .. فما الجرح بميت إيلام".
هكذا تبدو الصورة ، فصالح ستكون خاتمته مأساوية كأترابه الرؤساء العرب ، فذاك الرئيس/ صدام حسين من قبو إلى معتقل، إلى محكمة، إلى مشنقة ،فأين هو شعب العراق الذي انتخبه وبنسبة 100% ؟، بن علي لم يجد بلداً يستقبله سوى المملكة ،فأين ذهب شعبه المنتخب له وبنسبة 98% ؟، مبارك في نهاية المطاف في المعتقل ، فأين الشعب المصري الذي منحه المشروعية في آخر انتخابات وبنسبة 94 % ؟.
لن يكون صالح إلا واحداً من هؤلاء الحكام الذين لا توجد في قاموسهم مفردة الانتقال المشرف ، هو كذلك لا توجد لديه ذرة حياء أو خجل أو ناموس وحين يفقد الحاكم حياءه يكون البلاء كبيراً وكارثياً.
محمد علي محسن
صالح ومأساة النهاية 2722