جريمة قتل وفي السوق، وضح النهار وأمام مسمع ومرأى الناس ، أياً كانت الرواية وأياً كان المبرر والسبب أو الوسيلة والغاية ؛ ففي الحالتين نحن إزاء جريمة قتل غير مسبوقة أو معتادة على الأقل لمن عاش وعرف مدينة الضالع.
فلكم أن تتصوروا كيف كنا وكيف صرنا؟ في الأمس القريب كان القتل وقطع الطريق والكهرباء والماء والهاتف جرائم محرمة ومذمومة ومستنكرة من الجميع دون استثناء، أما في الوقت الحاضر فعلى ما يبدو أن هذه الأفعال الهمجية والوحشية صارت شيئاً مألوفا وعادياً ولدرجة أنها لم تعد تثير فينا أية ردة فعل رافضة ومستنكرة أو تحرك فينا مشاعر الحزن والألم.
أسأل: ماذا جرى للناس في الضالع ؟ أين ذهب عقلاء القوم ؟ كيف وصلت المسألة إلى قتل مدير فرع بنك التسليف الزراعي وفي وسط السوق ورابعة النهار؟؟ الجناة ليسوا غرباء ودخلاء مثلما سبق ورأينا حوادث قتل مماثلة.. لا مناص اليوم من الوقوف أمام هذه الجريمة النكراء ،لا ينبغي التعامل معها وكأنها ثأر أو سطو على سيارة أو مال أو غيره من دوافع القتل، ولكن ما حدث لهو جريمة مفزعة وخطيرة تستوجب الردع والعقاب.
كل شيء إلا القتل والدم وإخافة السبيل والعبث بالسكينة والنظام العام والأخلاق، فهذه الأشياء لا تقبل التفريط أو العبث بها، قلنا إن الصمت حيال ما يقترفه البعض سيؤدي آجلاً أم عاجلاً إلى الكارثة، حذرنا من اللعب بالنار وبعواطف الفتيان الصغار ومن العبث بالحياة، ولكن ما جدوى الكلام وما قيمة النصح؟.. نعم فهذه الجريمة ليست الأولى إذ سبقتها جرائم قتل وتقطع وسطو وسرقة وغيرها من الأفعال المقترفة في الآونة الأخيرة.
لم يكن أحد منا يظن أن الضالع بتاريخها وكبريائها ونضالها الطويل ورجالها الأحرار ستقبل بمثل هؤلاء الذين يقتلون ويسفكون ويعبثون، أعرف الناس جيداً هنا، فبعد هذه الجريمة لن يصمتوا ولن يبقوا في موضع الفرجة ولن يصدقوا حكاية الدخلاء الغرباء الطارئين، حتماً لن يكونوا إلا صوتاً للحق في وجه الباطل.
لن تكون الجريمة إلا استفاقة جماعية لحفظ الحياة والكرامة والنظام والتاريخ والأخلاق و..الخ من الأشياء التي يفخر بها المواطن الضالعي ، فرغم نوائب الدهر وتقلباته الموجعة بقي للمكان وأهله ثمة شعور بالأمان والغبطة والألق ، لقد خسرتم يا قوم الكثير كيما تبقى رؤوسكم مرفوعة، فلا تدعوها تنحني وتذل بأفعال مخجلة ومشينة يقترفها قلة أشرار.
محمد علي محسن
الضالع يا عقلاء القوم 2484