حينما يقف المتتبع للأزمة اليمنية على خطوط تشابكها ومواضع تماسها يخرج بعد إمعان النظر وحسب مجرياتها في الأيام أوقل الأشهر المنصرمة إلى أنها تتشابك في جانبين مهمين وهي ( النظام وخصومه ) وتتجاذبها عدة أطراف هي المحرك الحقيقي لها وأما مواضع تماسها فإنها تمر بالخط الساخن وهو النظام في طرف وجميع خصومه في طرف آخر ومابين خطوط التشابك ومواضع التماس ولعب الأطراف بخيوط الأزمة تتأرجح بين التصعيد والهدوء حتى وصل الأمر إلى طرح السؤال هل وصلت الأزمة الى نقطة الا عودة وبلغت مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة ؟
وللإجابة على هذا السؤال يمكن الإمعان في الأمور التالية: ـ
1- إن النظام قد استهلك جميع أوراقه واستفرغ جميع ألاعيبه وأصبح في زاوية إما الاستسلام والذي يعني بلا شك المحاكمة أو الهروب وأحلاهما مر وإما الانتحار وهذا مسلك مردي ومكلف وكارثي وهو الالتحام المباشر مع خطوط التشابك ومواضع التماس.
2- إن خصوم النظام قد حزمو أمرهم وأعدوا عدتهم في مواجهه حقيقية معه حتى لا تدخل الأزمة في منعطفات التهويل أو دهاليز التدويل وبخاصة بعد ظهور الضوء الأخضر من بعض الجهات التي يتكئ عليها.
3- يأس الكثير من الأطراف الفاعلة في الأزمة من إمكانية الخروج بحل يرضي الجميع ويجنبهم المواجهة وجهاً لوجه .
4- إن استمرار الأزمة على هذا الحال ينضوي على عواقب لا يحمد عقباها وهي أحد الأدبيات وأهم الاستراتيجيات والتي يراهن النظام عليها بل ويطيل أمد الأزمة من أجل تحقيقها.
5- إن جميع الفزاعات والتي كان النظام يستخدمها لتهديد الداخل وتفزيع الخارج ما هي إلا فرقعات أثبت الزمن إما أنها من صنيعة النظام نفسه أو من وحي خيالاته أو من خطأ توقعاته وإنها في حقيقتها لا يبنى عليها أمر ولا يخوف بها إلا من اصطنعها .
6ـ إن جميع المعطيات ومن خلال ما مرت به هذه الأزمة من منحدرات وارتفعت به من تصعيدات أثبتت بما لا مجال فيه للشك أن هذا النظام أصبح منتهي الصلاحية وفاقداً للشرعية غير الشرعية المزعومة لديه والمزيفة بكلتا يديه .
7ـ إن إطالة أمد الأزمة على هذا الشعب المنكوب والذي يكتوي بالفقر ويلتحف بالمآسي ويئن آلام الويلات بسبب ما أحدثه هذا النظام من فساد في الإدارة وبيع للذمم وإهدار للثروة وإشعال للحروب وإطالة لأمد هذه الأزمة ليجعل هذا الشعب يصل إلى قناعة بضرورة التغيير ومهما كلفه هذا الأمر فإنه لن يكون أمّر مما مر به من هذه الويلات .
8ـ إن تساقط الحلفاء الخارجيين لهذا النظام واحداً تلو الآخر ليسرع من إفلاسه ويجعل هؤلاء الحلفاء يبحثون عن البديل السريع والملائم لهذا النظام المتهالك والذي أصبح لا يمتلك حتى المصداقية لإثبات وجوده على الواقع .
9ـ إن تماسك الناس على الرغم من إطالة هذه الأزمة وظهور الشارع بهذا الزخم وتساقط مكونات النظام لصالح مكونات الخصوم ليدل بما لا يدع مجالاً للشك أن ما تمر به الأزمة من هدوء إنما هو مسألة ترتيب الأوراق والخروج منها بأقل تكلفة وأسهل طريق
10ـ إن فشل جميع الأساليب والعبث والذي سعى به النظام من تفتيت الجبهة الداخلية وتوزيع الأسلحة وشراء بعض الذمم واستخدام بعض الأبواق المأجورة والألسنة المباعة لم تحقق له شيئاً مما يعول عليه وبالتالي يصل إلى مرحلة اليأس قبل أن ييأس الناس منه .
أخيراً ومن خلال ما مر يمكن أن نستشرف الجواب على السؤال المطروح بأن الهدوء الذي دخلت فيه الأزمة اليمنية مؤخراً ربما يكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة والتي قد تأتي على النظام وتقتلعه من جذوره وتذهب به رياح التغيير إلى غير رجعة.
علي مبارك ملص
الأزمة اليمنية والهدوء الذي يسبق العاصفة 1721