هناك مخلوقات حباها الله بميزة تمكنها من التحول والتغير تبعاً للظروف المحيطة بها ، فالحرباء مثلاً يمكنها تغيير لونها حسب لون البيئة التي تعيش فيها ، فمن اللون الأخضر في بيئة زراعية إلى لون الرمال في بيئة صحراوية تستطيع الحرباء تغيير لونها .
الأفعى أيضا لديها القدرة على التخلص من جلدها لتحصل على آخر أكثر شباباً، والضفدع تتأقلم في الحياة بين الماء واليابسة حسب ما تفرضه عليه ظروف البيئة التي يعيش فيها .
هذه المخلوقات ومثلها الكثير وهبها الله هذه القدرة من أجل أن تتمكن من الحفاظ على حياتها ولضمان استمراريتها .
وفي عالمنا الإنساني نجد الكثير من الأشخاص يمتلكون قدرات مماثلة لتلك التي تمتلكها تلك المخلوقات
فإذا كانت تلك المخلوقات قادرة على تغيير بعض صفاتها البيولوجية بما يضمن الحفاظ على حياتها ، فإن لدى بعض الأشخاص القدرة على التحول الفكري والأخلاقي والانتقال إلى نقيض ما هو عليه ، من مؤمن بمبادئ ومعتنق لمعتقدات معينة إلى مادي صرف لا يؤمن سوى بالمصالح والمكاسب المادية ، ومن داعية لقيم التحرر والعدالة إلى متمجد لدى المستبد يستميت في الدفاع عنه ويبرر جرائمه.
القدرة التي قد يمتلكها شخص ما على التحول من داعية أممي يؤمن بالاشتراكية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية كمنهج وأسلوب حياة إلى تاجر يبيع المؤسسات العامة ويسرح عمالها ، ليسهم في خلق إقطاعيات مالية تمتلك المال والنفوذ السياسي في مقابل أغلبية فقيرة لا تتوفر لها أبسط مقومات الأمان المعيشي والاجتماعي ، تشبه قدرة الحرباء على تغيير لونها إذا ما انتقلت من بيئة زراعية إلى أخرى صحراوية مع فارق أن الأولى أخلاقية والأخرى بيولوجية .
كما أن القدرة لدى شخص آخر على التحول من مناضل قومي يؤمن بالحرية والعدالة ، يكره القطرية والحدود التي صنعها الاستعمار ويحلم بالوطن العربي الكبير إلى باحث عن الفروق بين الأقطار ، يشرع للقمع ويبرر القتل ، يكمم الأفواه ويستخدم الشمع الأحمر ليصادر حرية الرأي ، يهزأ من كل القيم السامية وحقوق الإنسان ، باعتقادي فإن هذه القدرة تماثل قدرة الأفعى على تغيير جلدها .
كيف يستقيم لمن يدير مؤسسة تدعي نشر الفكر الديمقراطي أن يصادر حق كل من يخالفه الرأي وأن يستعلي عليه ويقلل من شأنه ويمارس ضده أبشع أنواع الإقصاء السياسي وقد يصل الأمر إلى إنكار وجوده أصلاً.
وكيف نصدق أن من كان يتشدق بالقومية العربية ويحلم باليوم الذي تتحقق فيه وحدة الوطن العربي هو نفس الشخص الذي يروج لقيام الجملكية الصالحية في اليمن حتى لو كانت على حساب وحدة الوطن وسلامة أراضيه وإن كان ثمن ذلك حياة الكثير من أبناء الوطن .
هل أستطاع علي عبدا لله صالح أن يصنع أشخاصاً ( وحطريون ) (على وزن برمائيون ) يجمعون بين الدعوة إلى الوحدة العربية والتفريط في وحدة اليمن ؟
وهل يدرك مثل هؤلاء الأشخاص أن الكائنات التي تمتلك القدرة على التحول أو التغير تستخدم تلك القدرة من أجل الحفاظ على حقها في الحياة ، ذلك الحق الذي تقدسه جميع الشرائع والتشريعات ، بينما هم يتسببون في حرمان الكثيرين من هذا الحق المقدس وغيره من الحقوق عندما يمارسون موهبتهم في تقليدها؟ ولله في خلقه شؤون .