كنت أنوي بالأمس أن أتجاهل كل ما يبث في القنوات الفضائية اليمنية ويذاع عبر الأثير اليمني ويكتب في الصحف الرسمية لأنني عندما أطالع وأسمع وأرى كل ما هو صادر من السلطة تنتابني نوبة من الغضب العارم، فكل ما يصدر من الوسائل الرسمية أصبح غير منطقي ويدعو للفتن والاقتتال وهذا الأمر لا يتقبله عقلي.
لا أبالغ فيما أقول فعلى سبيل المثال بالأمس لم أستطع أن أتجاهل ما يدور فاستمعت إلى خطبة الجمعة ولا أذكر اسم الخطيب الذي ألقاها ولكنني أتذكر تماماً ما قال لأن خطبته لم تكن عن الأمن والاستقرار وإنما كانت عبارات عن شتائم واستهتار واستخفاف بأحزاب اللقاء المشترك.
وفي نفس الوقت كانت تحريضية بحتة حيث قال الخطيب في خطبته: "لقد فجع الشعب اليمني لما شاهده من جريمة نكراء ويرفضها كل مسلم ويتقزز كل ضمير حي وقلب فيه رحمة.. إنها جريمة يرفضها العقل لبشاعتها ومازال الشعب اليمني يتذكر صورة الرجل الشايب يسحب ويسحل، هذه جريمة صدم بها الشعب ومازال الناس مصدومين بها.. وما كاد الشعب يحاول النسيان حتى تفاجئ بجريمة أعظم وأفضع في حق المواطن وليد الذي قطع لسانه".. ماذا يريد بهذا الكلام وفي خطبه الجمعة هل يريد بها دفع الشعب للاقتتال؟! ماذا بالله عليكم؟!.. إن ما حدث للرجل الشايب وللشاعر وليد جريمة نعم وللصور وفي تصوري هي أبشع جريمة ولن يقبلها أي مواطن يمني فهي جريمة بحق الإنسان ومن أرتكبها كائناً من يكون فهو مجرد من الإحساس وعديم الضمير.. بل لا يطلق عليه الشعب إنساناً لأن هذه الجرائم ارتكبت بحق مواطنين يمنيين أخوة لنا وليسوا أعداءً لنا.
وكان من المفروض على الخطيب أن يدين الجريمة لأنها وقعت بحق يمنيين دون أن يحرض على أن اللقاء المشترك هو الفاعل ودون أن يشير حماسة الناس من أجل الآخر بالثأر وعدم السكوت عما يجري.. ماهكذا تكون الخطب!!.
إن الإمام والخطيب يجب أن يكون محايداً، يسعى للإصلاح ولا يسعى للخراب بين الناس ويوحد صفوفهم ويساعد في إصلاح ذات البين.. هذا هو الإمام والخطيب الحق.. أي خطيب هذا الذي يسعى لإشعال نار الفتنه بين صفوف الشعب اليمني وأبناء الشعب الواحد.
والمشكلة الكبرى أن هذا الخطيب حنق وغضب من أجل مواطنين يمنيين فقط ولم يغضب أو يحزن على تلك الجماجم التي فجرتها رصاص السلطة وتلك الصدور التي اخترقها الرصاص، لم يحزن على من ماتوا وسقطوا شهداء وكأن من ماتوا ليسوا من أبناء هذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً.
كلنا أبناء وطن واحد ولا داعي لإثارة الفتن والضغائن والأحقاد بين أبناء اليمن الواحد لأن هذه الأفعال تدعو إلى الانقسام وهذا ما تسعى إليه السلطة فلا تسمحوا لها أن تحدث انشقاقاً بين صفوفكم، خيبوا أملها وأثبتوا للجميع أن الشعب اليمني موحد صفوفه رغماً عن أنف الأعداء.
كروان عبد الهادي الشرجبي
ما هكذا تكون الخطب 2621