لا يمكن أن تشاهد المولد الأسبوعي على السبعين دون أن تضحك من الأسى والأسف والحزن وتتذكر وأنت تضحك أنك لا تشاهد مسرحية لعادل إمام أو إسماعيل عيسى وإنما تشاهد مواقف مختلفلة وحركات وأدوار متغيرة لممثلين متفوقين بالفطرة أو بالخبرة، يجيدون أداء الحبكات المسرحية ويستطيعون المزج بين المسرح والدراما والتراجيديا الحزينة والمؤلمة، تعترف بقدرة وكفاءة الممثلين وتضحك مردداً: << شر البلية ما يضحك >> .
المولد الأسبوعي الذي أصبح مهوى أفئدة مريديه يحييه شيوخ الطرق التي قد تكون فيها الطرق التي يقطعونها في حال لم تلب مطالبهم أو لم يحصلوا على ما أرادوه فيدفع لهم أضعاف مطالبهم ويعفو من دماء قد يكونوا أراقوها وهي أرخص الدماء لقطيع العساكر المعد للذبح برخص التراب..
المولد الأسبوعي المعنون بشعارات الندب والبكاء والنواح على أعلى مستوى تتم فيه النياحه ولطم الخدود وشق الجيوب أسبوعاً على شيخ طاعن في السن ضرب بالخطأ تشبه قصته قصة عمار بن ياسر عندما أخرجته الفئة الباغية ليعلن بعدها ندمه وأسفه على خطءٍ يعترف بإرتكابه، بموقفه في المكان تحت ضغط الحاجة ومواعيد التوضيف والمعاش وإعالة العيال التي أصبحت في عرف شيوخ مولد السبعين هبات ومنح تشترى بها الذمم ويعلن عن طريقها الولاء لا حقوق يكفلها الدستور الذي يطول التباكي عليه لمثل هذا وغيره في وطن الثورة والشرعية والعدالة التي لا يرى منها جميعاً إلا الشعار والنشيد والعلم.
وأسبوعاً تتم النياحة على لسان مقطوع لشاعر لا يستطيع الكلام لأن وسيلة الكلام قد انقطعت وإلا لنطق بعظمته ليقول من قطعه.
جمعة الأمن والاستقرار كما أطلق عليها تذكرك بمواقف الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين، لم يسلم منهم شيخ ولا طفل ولا حامل تنجو من بقر البطن فتقتل مع جنينها حتى إذا ما قتل أحدهم خنزيراً لا موه ووبخوه وطالبوه بسرعة التوبة فقد ارتكب كبيرة لا تغتفر.
ألم يكن الأجدر أن تكون التوجيهات بالتحقيق والملاحقة والبحث عن قتلة العشرات من أبناء اليمن وآلاف الجرحى وتقديم من ارتكب الحوادث في حقهم للعدالة قبل أن يتم الحديث عن ضرب شخص أو جرح لسان أو فم وإن كان لا يسقط حق أحد، لكن نحن نتحدث عن الأولويات التي يتناساها جمهور مولد السبعين عند نشوة الوجد الصوفي وضرب الدفوف التي تنذر بحرب داحس والغبراء وحرب البسوس التي نشبت بسبب التعدي على الناقاة المسماة بالبسوس.
وإذا كان ضرب الشيخ أو جرح شخص إلى الآن لم يعرف من جرحه، تعتبر في نظر جمهور السبعين مقبلات للحرب الأهلية، ففي أي خانة في قائمة الطعام يصنف قتل وجرح كل هذا العدد من البشر، هل في السلطات أم التحلية التي تؤخذ مقدماً أم هي جزءاً من الوجبة الرئيسية التي تكثر أطباقها وتتعدد كما هي العادة على موائدهم.
وأخيراً فإن النشيد المكون من مقاطع الإرهاب وقطع الطرق أصبح مملاً ومقرفاً ولا يملك من يسمعه إلا أن يقول رمتني بدائها وانسلت.
علي الربيعي
جمعة مولد السبعين شطح لا ينتهي 2045